اضطراب قلق المرض | عندما يُسيطر عليك القلق من المرض فيَغلبك
هل تقضي ساعات على الإنترنت في البحث عن المعلومات الصحية؟ هل عند إصابتك بآلام الحلق فإنك تُفكر تلقائيًا في السرطان وليس الزكام؟ هل عندما تُظهر الفحوصات الطبية أنك بصحة جيدة فهذا لا يجعلك تشعر بتحسن وما زلت تشعر أن هناك خطبٌ ما؟
إذا كنت أنت أو أحد من أفراد أسرتك تشعر بذلك فانتبه! قد يكون هذا هو اضطراب القلق المرض أو القلق الصحي. اضطراب قلق المرض (يسمى أحيانًا المراق) هو عندما تقضي الكثير من الوقت في القلق من كونك مريض أو من الإصابة بالمرض بحيث يبدأ في السيطرة على حياتك، عزيزي القارئ.. إن القلق على صحتك أمر طبيعي ولكنه قد يكون مشكلة عندما يكون مفرطًا، ولا يتناسب مع الفرص الواقعية لوجود مشكلة خطرة، ويكون مستمرًا بالرغم من الاختبارات والفحوصات السلبية، وأيضًا طمأنة المهنيين الصحيين لك؛ لذا هيا بنا -عزيزي القارئ- نتعرف على اضطراب قلق المرض، وأعراضه، وأسبابه، وطرق التغلب عليه.
محتويات المقال:
- ما اضطراب قلق المرض أو Hypochondria؟
- ما الفرق بين القلق على صحتك والقلق الصحي؟
- ما أعراض اضطراب قلق المرض؟
- ما الذي يجعل الناس يصابون بالقلق الصحي؟
- عوامل خطر الإصابة باضطراب قلق المرض.
- كيفية تشخيص اضطراب قلق المرض.
- كيفية علاج اضطراب قلق المرض.
- طرق المساعدة الذاتية لعلاج اضطراب قلق المرض.
- ما اضطراب قلق المرض أو Hypochondria؟
شعرت دينا بشعورٍ رائعٍ بعد حصولها على شهادة صحية نظيفة من طبيبها، لكن عندما حاولَت النوم ركزت على بيان واحد أدلى به الطبيب وهو (قد تنمو الأورام في أي وقت، عودي بعد ست أشهر إذا كنتِ قلقة)، وتسابقت الأسئلة في عقلها وهي تتقلب وتتقلب.. إذا لم يكن هناك شيء خاطئ فلماذا أخبرني بذلك؟ فلماذا يقول عودي بعد ست أشهر؟ ماذا لو فاته شيء؟ لماذا أعاني الصداع والدوخة؟ شعرت دينا بالقلق الشديد لدرجة أنها نهضت من السرير وبحثت على شبكة الإنترنت عن إجابات، وعندما أعادت قراءة بعض مقالات حول أعراض سرطان الدماغ بدأت تشعر بالدوار، والكثير من الأفكار تدور بذهنها لماذا ما زلت أشعر بهذه الطريقة؟ هل أنا بالفعل مصابة بسرطان المخ؟ هل هذا يحدث حقا؟
النبأ السار هو أن دينا لم تكن مصابة بسرطان المخ أو ورم في المخ، فقد كانت دينا تعاني اضطراب القلق الصحي:
- القلق الصحي هو قلق مهووس وغير عقلاني بشأن وجود حالة طبية خطرة، ويُطلق عليه أيضًا القلق من المرض، وكان يُطلق عليه سابقًا المراق، وتتميز هذه الحالة بتخيل الشخص لأعراض جسدية للمرض، أو في حالات أخرى هو سوء تفسير الشخص لأحاسيس الجسم البسيطة أو الطبيعية، فقد يرى أنها أعراض مرضية خطيرة، مثل: مرض السرطان أو الإيدز بالرغم من طمأنة المهنيين الطبيين بأنه لا يعاني أي مرض.
- القلق الصحي هو حالة شائعة نسبيًا ومن المعروف أنها تؤثر على حوالي 4٪ إلى 5٪ من الناس، ويعتقد الخبراء أنه قد يكون هناك نقص في الإبلاغ عنها وأن النسبة قد تكون أقرب إلى 12٪ أو حتى ضعف ذلك، كما يقول الدكتور سكاريلا (مدرس في الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد): يبدو أن القلق الصحي يؤثر على الرجال والنساء على حدٍ سواء على عكس اضطرابات القلق الأخرى الأكثر انتشارًا بين النساء.
- قد تواجه القلق المفرط من أنَّ بعض أحاسيس الجسم، مثل النفضان العضلي أو الإرهاق، ترتبط بوجود مرض خطر محدد، وقد يُسبِّب الضيق الشَّديد الذي يمكن أن يُعطِّل حياتكَ، إن اضطراب قلق المرض هو حالة طويلة الأجل وقد تتبدل في شدتها أو تزيد مع التقدم في العمر أو عند الإجهاد، كما قد يساعدك في تخطي هذا الاضطراب تقديم الاستشارة (المعالجة النفسية)، وأحيانًا يعمل الدواء على تخفيف قلقكَ.
- ما الفرق بين القلق على صحتك والقلق الصحي؟
عندما يُرسل جسمك علامات تدل على أنك مريض فمن الطبيعي أن تشعر بالقلقP ويتسم القلق الصحي بالاعتقاد المستمر بأن لديك أعراض مرض خطير، وقد يصبح القلق مستهلكًا للغاية لدرجة أن الضيق يصبح معطِّلًا.
tإذا كنت قلقًا بشأن صحتك فإن الشيء المنطقي الذي يجب عليك فعله هو زيارة طبيبك، ولكن مع القلق الصحي ستشعر بضيق شديد بشأن أعراضك الحقيقية أو المتخيلة حتى بعد أن تظهر نتائج الاختبارات الطبية سلبية، ويطمئنك الأطباء بأنك بصحة جيدة. تتجاوز هذه الحالة الاهتمام الطبيعي بصحة الفرد وقد تتدخل في حياة الشخص وقدرته على:
- العمل في بيئة مهنية أو أكاديمية.
- العمل على أساس يومي.
- إنشاء علاقات هادفة والحفاظ عليها.
- ما أعراض اضطراب قلق المرض؟
تشتمل أعراض اضطراب القلق الصحي على الشعور بأنك مريض بشكلٍ خطر، وهذا يعتمد على ظهور بعض الأعراض، منها: أحاسيس الجسم الطبيعية (مثل: إصدار أصوات من المعدة)، أو أعراض صحية بسيطة (مثل: الطفح الجلدي)، وتشتمل علامات وأعراض اضطراب قلق المرض على:
- الشعور بالقلق بسهولة بشأن حالتك الصحية.
- الشعور بقدرٍ كبيرٍ من التوتر بشأن الأمراض المحتمل الإصابة بها؛ مما يزيد من صعوبة أدائك للمهام.
- عدم الشعور بالاطمئنان مطلقًا من زيارات الطبيب، أو النتائج السلبية للاختبارات.
- الفحص المتكرر لجسمك بحثًا عن علامات تدل على وجود مرضٍ ما.
- القلق بإفراط عند وجود خطر التعرض للإصابة بحالة طبية؛ نتيجة لانتشارها في عائلتك مثلًا.
- تجنب الأماكن، أو الأشخاص، أو الأنشطة خوفًا من خطورة التعرض لأزمة صحية.
- التحدث باستمرار عن صحتك أو الأمراض التي يمكن أن تصيبك.
- ما الذي يجعل الناس يصابون بالقلق الصحي؟
الخبراء ليسوا متأكدين من الأسباب الدقيقة للقلق الصحي، ولكنهم يعتقدون أن العوامل التالية قد تكون السبب في حدوث اضطراب قلق المرض، وهي:
- المعتقدات:
لديك فهم ضعيف لأحاسيس الجسم أو الأمراض أو كليهما، إذ قد تعتقد أن مرضًا خطرًا يسبب أحاسيس جسمك، وقد يقودك البحث إلى دليل يؤكد أنك تعاني بالفعل من مرض خطير.
- العائلة:
لديك فرد من العائلة أو أفراد قلقين بشكلٍ مفرطٍ على صحتهم أو صحتك.
- التجارب الماضية:
قد تكون مررت بتجارب سابقة في التعامل مع مرضٍ خطرٍ حقيقي في مرحلة الطفولة؛ لذلك (كشخص بالغ) فإن الأحاسيس الجسدية التي تمر بها مخيفة لك.
- عوامل خطر الإصابة باضطراب قلق المرض:
قد تشتمل عوامل خطر الإصابة باضطراب القلق الصحي ما يلي:
- التعرض لحدث أو موقف مرهق.
- التعرض لاحتمالية الإصابة بمرض خطر، ثم تبين أنه غير خطير.
- التعرض للإيذاء كطفل.
- معاناة أحد الوالدين من مرض خطير في مرحلة الطفولة.
- بعض السمات الشخصية، مثل: الشخصية القلقة.
- فحص صحتك بإفراط على الإنترنت.
- كيفية تشخيص اضطراب قلق المرض:
لم يعد القلق الصحي مدرجًا في الدليل التشخيصي والإحصائي للجمعية النفسية الأمريكية للاضطرابات العقلية، كان يطلق عليه سابقًا المراق والآن يمكن بدلاً من ذلك تصنيف الأشخاص الذين شُخِّصت إصابتهم بالمرض على أنه لديهم إما:
1. اضطراب القلق المرضي:
ويحدث إذا لم يكن لدى الشخص أعراض جسدية أو أعراض خفيفة فقط.
2. اضطراب الأعراض الجسدية:
ويحدث خاصةً عندما يكون لدى الشخص أعراض يُنظر إليها على أنها مزعجة لهم أو إذا كانت لديهم أعراض متعددة، وللوصول إلى تشخيص اضطراب قلق المرض سيُجري طبيبك فحصًا جسديًا؛ لاستبعاد أي حالات صحية تشعر بالقلق بشأنها، وإذا كنت بصحة جيدة فقد يحيلك طبيبك إلى أخصائي رعاية صحية نفسية، ومن المحتمل أن يتقدموا من خلال إجراء تقييم نفسي:
- يتضمن أسئلة حول الأعراض، والمواقف العصيبة، والتاريخ العائلي، والمخاوف، والقضايا التي تؤثر على حياتك.
- يطلب منك استكمال التقييم الذاتي النفسي أو الاستبانة.
- سيسألك عن استخدامك للمخدرات، أو الكحول، أو غيرها من المواد.
- كيفية علاج اضطراب قلق المرض:
القلق هو آلية وقائية ويبدو أن فحص الجسم بحثًا عن مرض هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به لحماية أنفسنا، ومع ذلك فإنه عندما ننشغل بشيءٍ ما فإننا نميل إلى ملاحظته، فعندما كنت أتطلع الشهر الماضي لشراء سيارة جديدة بدأت فجأة ألاحظ كل سيارة على الطريق من حيث الصنع، والطراز، واللون وفي السابق لم أكن أهتم؛ لذلك فإن البحث عن الأعراض يجعلك تلاحظ أحاسيس خفية قد تتجاهلها بخلاف ذلك، وعندما تنشغل بالأحاسيس الجسدية تتضخم هذه الأحاسيس وتستمر لفترة أطول.
ومما يجعل الأمر صعبًا أنه قد ينتج عن كل مسح للجسم عدم اليقين والشك؛ مما يعطي الفرصة للخيال لخلق القصص، وعندما تتخيل الأسوأ فإن نظام الإنذار في جسمك ينطلق على شكل أعراض القلق (تسارع ضربات القلب، وضيق في الصدر، وصعوبة في التنفس، والتوتر، والوخز، والدوار، والغثيان، وعدم الراحة في المعدة، والتعرق، والصداع،.. وما إلى ذلك)؛ مما يُعطي خيالك وقود إضافي لخلق أعمال رائعة من الخيال، الأعراض حقيقية ولكن الأفكار خاطئة.
يركز علاج اضطراب القلق الصحي على تحسين الأعراض والقدرة على العمل في الحياة اليومية، وعادةً يشمل العلاج النفسي مع إضافة الأدوية أحيانًا وهذه العلاجاتهي:
1. العلاج النفسي:
العلاج الأكثر شيوعًا لاضطراب القلق الصحي هو العلاج النفسي وخاصةً العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، وقد يكون العلاج السلوكي المعرفي فعالًا جدًا في علاج القلق الصحي؛ لأنه يعلمك المهارات التي يمكن أن تساعدك في إدارة اضطرابك، كما يمكنك المشاركة في CBT بشكلٍ فردي أو في مجموعة، وتتضمن بعض فوائد العلاج المعرفي السلوكي ما يلي:
- تحديد المخاوف والمعتقدات المتعلقة بالقلق على صحتك.
- تعلُّم طرقًا أخرى للنظر إلى أحاسيس جسدك وذلك بتغيير الأفكار غير المفيدة.
- زيادة وعيك بكيفية تأثير مخاوفك عليك وعلى سلوكك.
- الاستجابة لأحاسيس جسمك وأعراضك بشكلٍ مختلف.
- تعلم كيفية التعامل بشكلٍ أفضل مع القلق والتوتر.
- تعلم التوقف عن تجنب المواقف والأنشطة بسبب الأحاسيس الجسدية.
- تجنب فحص جسمك بحثًا عن علامات المرض والبحث المتكرر عن الاطمئنان إلى أنك بصحة جيدة.
- تعزيز أدائك في المنزل، أو العمل، أو المدرسة، أو البيئات الاجتماعية والعلاقات مع الآخرين.
- التحقق مما إذا كنت تعاني من اضطرابات نفسية أخرى، مثل: الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب، أم لا.
تُستخدم أشكال أخرى من العلاج النفسي -أيضًا- في بعض الأحيان لعلاج القلق الصحي، ومنها: إدارة الإجهاد السلوكي، وعلاج التعرض، فإذا كانت أعراضك شديدة فقد يوصي طبيبك بالأدوية بالإضافة إلى علاجاتك الأخرى.
2. الأدوية:
قد لا يستجيب بعض الأشخاص للعلاج النفسي فإذا كان هذا ينطبق عليك فقد يوصي طبيبك بالأدوية، وغالبًا تستخدم مضادات الاكتئاب، مثل: مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، ولهذه الحالة إذا كنت تعاني من اضطراب مزاجي أو اضطرابات القلق بالإضافة إلى قلقك فقد تساعدك الأدوية المستخدمة؛ لعلاج هذه الحالات أيضًا، كما تأتي بعض أدوية القلق الصحي مع مخاطر وآثار جانبية جسيمة؛ لذلك من المهم مراجعة خيارات العلاج الخاصة بك مع أطبائك بدقة.
- طرق المساعدة الذاتية لعلاج اضطراب قلق المرض:
1. حافظ على تدوين مذكراتك:
- لاحظ عدد المرات التي تقوم فيها بفحص جسمك، أو اطلب من الناس الطمأنينة، أو انظر إلى المعلومات الصحية.
- حاول تقليل عدد المرات التي تقوم فيها بهذه الأشياء تدريجيًا على مدار أسبوع.
2. تحدى أفكارك:
- ارسم جدولًا به عمودين.
- اكتب مخاوفك الصحية في العمود الأول، ثم اكتب أفكارًا أكثر توازنًا في العمود الثاني، على سبيل المثال: في العمود الأول قد تكتب “أنا قلق بشأن هذا الصداع”، وفي العمود الثاني “غالبًا يكون الصداع علامة على التوتر”.
3. حاول البقاء مشغولًا بأشياء أخرى:
عندما تشعر بالرغبة في فحص جسدك، على سبيل المثال: اعمل على إلهاء نفسك بالذهاب في نزهة على الأقدام، أو الاتصال بصديق.
4. عُد إلى الأنشطة العادية:
حاول أن تبدأ تدريجيًا في فعل الأشياء التي كنت تتجنبها بسبب مخاوفك الصحية، مثل: الرياضة، أو حضور المناسبات الاجتماعية.
5. حاول أن تسترخي:
جرّب تمرين التنفس البسيط هذا أو زُر موقع Mind؛ للحصول على بعض تمارين الاسترخاء (اليوغا).
ختامًا عزيزي القارئ.. إن اضطراب قلق المرض حالة طبية طويلة الأمد يمكن أن تختلف في شدتها مع مرور الوقت، وقد يتفاقم مع تقدم العمر أو في أوقات التوتر، ومع ذلك إذا طلبت المساعدة، والتزمت بخطة العلاج الخاصة بك؛ فمن الممكن تقليل أعراض القلق الصحي لديك حتى تتمكن من تحسين أدائك اليومي، وتقليل مخاوفك.
قد يهمك أيضًا:
- اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه | الأعراض والتشخيص والعلاج
- اضطراب الوسواس القهري | الأسباب والأعراض والعلاج
المراجع: healthline | nhs
تعليقات