التشنجات اللاإرادية | مرض خطير يٌهدد المٌراهقات والسبب تيك توك !
خلال الآونة الأخيرة بات تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المراهقين محط تركيز العديد من الدراسات والبحوث، وخاصةً في ظل وجود روابط ما بين ميل المراهقين والأطفال إلى التنمر وفقدانهم لاحترام الذات وإصابتهم باضطرابات النوم، كما ركزت دراستان حديثتان على مصدر قلق محتمل آخر لهذه الظواهر وهو أمر غير معتاد إلى حد ما، وقد تزايدت بلاغات الأطباء عن ارتفاع في حالات السلوك الشبيه بالتشنجات اللاإرادية والضوضاء لدى الفتيات المراهقات أثناء الوباء، وهذه الأعراض تعد شائعةً في ظل الإصابة بمتلازمة توريت، والتي عادة ما تكون أكثر انتشارًا عند الأولاد من الفتيات.
وقد قام خبراء طبيون من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والمملكة المتحدة بالتحقيق في هذه الظاهرة ووجدوا عاملاً مشتركًا واحدًا بين المرضى، حيث لوحظ أن الفتيات المراهقات لديهن اهتمام بمشاهدة مقاطع فيديو TikTok من المؤثرين الذين قالوا إن لديهم متلازمة توريت، حيث كشفت إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة Movement Disorders أن الإحالات إلى مستشفيات الأطفال بسبب السلوكيات الشبيهة بالتشنجات قد ارتفعت أثناء الوباء، لا سيما بين الفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 12 و 15.1 منذ مارس 2020، بالإضافة إلى أن الإحالات في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وألمانيا أستراليا قد ارتفعت من 1 إلى 2٪ إلى 20 إلى 35٪ تقريباً.
- ما وجه التشابة بين التشنجات اللاإرادية وتشنجات التيك توك؟
وقد قال الباحثون أنهم رأوا تشابهًا بين التشنجات اللاإرادية أو السلوكيات الشبيهة التي تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي والسلوكيات الشبيهة بهذه المجموعة من المرضى، وقد وضحوا بأنه قد تكون هذه التشنجات اللاإرادية في TikTok هي كل المعلومات التي يراها الناس حول متلازمة توريت، عندما تكون هذه التشنجات اللاإرادية مختلفة بشكل لا يصدق عما رآه المختصون على مدار التاريخ الطبي، ووفقاً للدراسة التي قام بها الأطباء في المركز الطبي بجامعة راش في شيكاغو والتي تم القيام بها وفقاً لمقاطع فيديو TikTok، والتي نُشرت أيضًا في مجلة اضطرابات الحركة، فقد قالوا أن الناس ينسخون السلوكيات التي يرونها في مقاطع الفيديو فيما يصفونه بأنه مثال على مرض اجتماعي جماعي.
- ماذا عن آراء المُختصين حول هذه الظاهرة؟
تقول كارولين إي أولفيرا الحاصلة على شهادة الدكتوراه في الطب وزميلة اضطرابات الحركة في جامعة راش، إن تحقيقهم بدأ عندما جاء عدد كبير من الفتيات في أواخر سن المراهقة إلى عيادة اضطرابات الحركة مع ظهور مفاجئ للتشنجات اللاإرادية والحركات غير الطبيعية، وذلك بدءًا من أوائل عام 2021م ، وتقول الدكتورة أولفيرا: \”تبدأ متلازمة توريت بشكل نموذجي عندما يكون الأطفال من سن 6 إلى 7 سنوات، وهي أكثر شيوعًا عند الرجال وتحدث فجأة فقط في أقل من 5٪ من الحالات\”. لكن هذا كان مختلفًا تمامًا عما كان يرى الأطباء.
وقد بدأ بعض المرضى وأطفال الأطباء الآخرين في الممارسة في الإشارة إلى أن التشنجات اللاإرادية كانت شائعة على TikTok، لذلك انضم الدكتورة أوليفيرا إلى TikTok من أجل التأكد من واقع الأمر، نظرًا لأن البحث الذي يركز على المعلومات الصحية المتوفرة على وسائل التواصل الاجتماعي لا يزال محدودًا، فقد شعرت الدكتورة أوليفيرا أنه من المهم إلقاء نظرة متعمقة على ما قد يتعرض له مرضاها عبر الإنترنت.
وتقول:\”قد تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على سلوك هؤلاء المرضى، ولكن من المهم أيضًا أن نرى كيف يتم تصوير بعض الأمراض العصبية\”، وتتابع قائلةً: \”قد تكون هذه التشنجات اللاإرادية في TikTok هي كل المعلومات التي يراها الناس حول متلازمة توريت، وخاصةً عندما تكون هذه التشنجات اللاإرادية مختلفة بشكل لا يصدق عما رأيناه في المجال الطبي عبر التاريخ.\”، وقد وجد باحثو Rush أن العديد من المؤثرين الأكثر شهرة والمعروفين بمقاطع الفيديو التشنجية لديهم نفس التشنجات اللاإرادية، حيث تقول الدكتورة أولفيرا: \”بدت هذه التشنجات اللاإرادية مثل ما نراه في مرضانا ومعظمهم من الفتيات المراهقات المتأخرات\”.
وفي حين أن التشنجات اللاإرادية لمتلازمة توريت النموذجية هي عبارة عن مجموعة من الومضات أو الحركات أو الأصوات المتلاحقة، فإن التشنجات اللاإرادية TikTok التي لاحظها الدكتورة أوليفيرا مختلفة، حيث توضح الدكتورة أولفيرا: \”إنها تشنجات شديدة وتتسبب في الإصابة وعدم القدرة حتى على القيام بمهمة بسيطة مثل تناول الطعام\”، ثم تكمل حديثها قائلةً: \”الشتائم غير المنضبطة هي سمةُ شائعة جدًا على TikTok ولكنها عادة ما تظهر فقط في أقل من 15٪ من مرضى توريت، ومن المحتمل أن تكون هذه التشنجات اللاإرادية مزيجًا من العديد من المسببات المختلفة، وهي أسبابُ معقدة ودقيقة.
- ما هو الاضطراب العصبي الوظيفي (FND):
الاضطراب العصبي الوظيفي هو حالة عصبية حيث يحدث خلالها اختلال بين وظائف الدماغ والجسم، وغالبًا ما ينتج عنه ضعف أو تنميل أو حركات غير طبيعية، لكن لا تُظهر الاختبارات التي يجريها الأطباء للمصابين بهذه الأمراض سببًا محددًا لهذه التشوهات في الدماغ أو الجهاز العصبي، وتعد حالة الاضطراب العصبي الوظيفي حساسة بشكل خاص للضغوط التي تعد سبباً أساسياً لها، بالإضافة إلى القلق والاكتئاب ومشاكل المزاج الأخرى “، حيث تقول الدكتورة أوليفيرا أن جائحة COVID-19 مثلت ضغوطًا عالمية غير مسبوقة وربما ساعدت في إثارة هذا الاضطراب في العديد من هؤلاء المراهقين.
وتعتقد ليندا شارمرامان الحاصلة على درجة الدكتوراه، والتي تشغل منصب باحثةٍ بارزة في دراسة العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ورفاهية المراهقين في مراكز ويليسلي للنساء، أنه قد يكون هناك تفسير آخر لهذه الظاهرة، تقول الدكتورة ليندا: “قد تكون هناك نقطة ضعف خاصة لدى الشباب الذين ينجذبون إلى مقاطع الفيديو التي تصور متلازمة توريت، ربما يبحثون عن مجتمع عبر الإنترنت يفهم ما يمرون به”، كما تشير الدكتورة أن هناك احتمال أن تكون هذه الظواهر مصادفة، وهناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات لفهم الارتباطات.
المصدر: VeryWellMind
تعليقات