العمل الطبي في ألمانيا | بين الإيجابيات والسلبيات
عندما يتعلق الأمر بالسفر والغربة خارج وطنك، ينبغي أن يكون المقابل المنتظر مميزًا، ويستحق عناء الرحلة؛ حيث أنه يٌنظَر إلى هجرة الطبيب إلى ألمانيا على أنها فرصة مليئة بالمكاسب على المستوى المادي والمهني.
فور وصولك إلى ألمانيا ينبغي أن تتهيأ نفسيًا لمقابلة بعض العقبات والصعوبات في بداية رحلتك داخل نظام صحي جديد؛ لأنه من الجدير بالذكر أنك قد تُحاط بكثير من الأمور الصعبة في فترتك الأولى في ألمانيا، ولكن عليك التفكير بواقعية قليلـًا.
وتذكّر دائمًا أن : لا يتم حصد الثمار قبل غرس بذورها أولـًا.
المحتويات:
مزايا العمل الطبي في ألمانيا.عيوب العمل الطبي في ألمانيا. |
أولـًا:- مزايا العمل الطبي في ألمانيا:
1- منظومة صحية مميزة:
يعد النظام الصحي الألماني واحد من أقوى أنظمة الصحة في العالم، إذ يحتل المكانة الرابعة عالميًا بعد دول (سويسرا، وكندا، واليابان).
تقاس قوة النظام الصحي الألماني بمدى توفر الإمكانيات والتجهيزات الصحية المتوفرة لجميع المواطنين والمقيمين في ألمانيا.
يوجد ما يقارب 2000 مستشفى في شتى أنحاء ألمانيا، كما تقدم خدماتها بكفاءة عالية لكافة المرضى على اختلاف نوع التأمين الصحي الذي يمتلكونه.
وتنقسم المستشفيات في ألمانيا إلى:
1-مستشفيات عامة ( öffentliche Krankenhäuser):
وتمثل نسبة حوالى 30 % من إجمالي مستشفيات ألمانيا، ولكنها ذات استيعابية عالية للغاية إذ تمثل نصف عدد أسرة المرضى في مستشفيات ألمانيا بالكامل.
وتعد المستشفيات الجامعية التي تديرها الجامعات الألمانية من أهم المستشفيات العامة في ألمانيا، ويبلغ عددهم حوالي 36 مستشفي جامعية.
2- مستشفيات خيرية frei gemeinnützige Krankenhäuser:
وتديرها عادةً المنشآت والهيئات الدينية والتطوعية، مثل: الكنيسة، والهلال الأحمر الألماني.
3- مستشفيات خاصة (Privatkrankenhäuser):
ويمكتلكها رجال أعمال أو شركات خاصة لديهم رخصة إدارة المنشآت الطبية، و بعض تلك المستشفيات لا تقدم الخدمة إلى المواطنين أصحاب التأمين الصحي العام.
تمتلك ألمانيا تاريخًا من العلماء والأطباء الذين قدّموا مساهمات في الطب من خلال الكثير من الاكتشافات، أمثال: ألويس ألزهايمر مكتشف مرض ألزهايمر، وروبرت كوخ .
وما زالت ألمانيا تتطور في الطب بإجراء الأبحاث العلمية التي تقارب 600 بحث سنويًا، والتي تنال بها أهم الجوائز العالمية، مثل: جائزة نوبل.
كل ذلك يصب في مصلحة الطبيب الذي سوف يتدرب ويعمل في تلك المنظومة الصحية المميزة.
2- التدريب الطبي داخل مستشفيات ألمانيا:
تعتمد عملية التعليم الطبي في الأساس على الطبيب؛ حيث يحتاج الطبيب الجديد في ألمانيا إلى تحسين لغته الألمانية واللغة الطبية المتخصصة؛ كي يستطيع التعامل بشكل جيد مع المرضى، والأطباء الزملاء، والتمريض، والعمال،.. وغيرهم.
بجانب المسئولية الشخصية للطبيب في التعلم، يمتلك الطبيب في ألمانيا فرصة ذهبية للتعلم من الأطباء الألمان والأجانب المميزين في كل التخصصات الطبية، واكتساب الخبرات منهم في التعامل مع الحالات الطبية المختلفة.
كذلك يُعاب على النظام التعليمي والتدريبي داخل ألمانيا أنه يختلف من ولاية إلى أخرى، كما يختلف من مستشفى إلى أخرى. وبالرغم من وجود نظام تدريبي في كل تخصص إلا أنه ربما لا يمكن تنفيذه بالكامل داخل كل المستشفيات.
قد لا تمتلك المستشفى التي تعمل بها بعض الإمكانيات المطلوبة لإجراء عملية جراحية معينة تريدها، فربما لن تتاح لك الفرصة في التعلم والتدريب على تلك العملية، ولكن بالرغم من ذلك يتم معالجة هذا العيب عن طريق الإنتدابات إلى مستشفيات أخرى؛ لتغطية ما ينقصك من التدريب في تخصصك.
وهذا من ضمن الإيجابيات في النظام التدريبي الألماني؛ حيث يتميز بالمرونة الكافية.
عادةً ما يستغرق الطبيب السنة الأولى لتدريبه في أداء مهام روتينية أكثر، مثل: التسجيل الطبي، والمهام الطبية الأولية، مثل: تركيب الكانيولا، وإعطاء الأدوية الوريدية، والتي تعد من مهام الطبيب أكثر من التمريض في ألمانيا.
يتحسن الأمر في السنوات التالية حيث تتاح الفرصة للتدريب على الفحوصات والإجراءات الطبية الأساسية في التخصص، ويتم منح الثقة للطبيب المقيم في تعزيز تدريبه العملي بشكل أكبر حتى إنهاء سنوات تدريبه في التخصص.
كذلك يستطيع الطبيب تغيير مكان عمله بدون أدنى مشكلة إن شعر بعدم الراحة، أو ضعف الاستفادة العلمية، أو سوء التدريب.
في النهاية.. نستطيع أن نوضح أن هناك تفاوت بين مستوى التعليم والتدريب بين ولاية وأخرى، بل بين مستشفى وأخرى، كما يعتمد على الطبيب المسئول عن تدريبك أو رئيس القسم الذي تعمل معه.
3- حرية اختيار التخصص في ألمانيا:
ربما قد تكون ممن خاض تجربة اختيار التخصص الطبي في بلد عربي؛ حيث يتم اختيار التخصص طبقًا للمجموع الإجمالي التراكمي في سنوات الدراسة، ويتم المفاضلة بين الأطباء الراغبين في التخصص طبقًا للأماكن المتاحة والتقديرات الأكاديمية.
فربما لم تتمكن من اختيار تخصصك المفضل بسبب نقص تقديرك العام، أو بسبب قلة الأماكن المتاحة في هذا التخصص التنافسي؛ لذا أحب أن أبشرك بأن في ألمانيا الأمر مختلف تمامًا.
آلية الحصول على التخصص في ألمانيا تعتمد في الأساس على العرض والطلب؛ إذ يمكنك التقدم لشغل وظيفة طبيب مقيم في تخصص ما في ألمانيا بمجرد وجود وظيفة شاغرة في أحد الأقسام بالمستشفى، بعدها سيقرر رئيس القسم إن كانت سيرتك الذاتية مناسبة لتلك الوظيفة أم لا.
لذلك من المميز في النظام الصحي الألماني سهولة الحصول على التخصص المرغوب لك بمجرد مكان شاغر، وبعدها يمكنك التواصل مع رئيس القسم، وإجراء مقابلة عمل معه؛ لتحديد فرص حصولك على العمل بالقسم.
يمكنك أيضًا بسهولة تغيير التخصص الذي بدأت به وهو المعتاد في ألمانيا، فقد تعمل في بداية وجودك في ألمانيا كطبيب مقيم في تخصص غير مرغوب مؤقتًا لحين توفر لك فرصة عمل أخرى في التخصص المرغوب لك، فتستطيع حينها أن تنهي العمل بالاستقالة مثلـًا، وتوقع عقد عمل في القسم الجديد في المستشفى الجديد أو نفس المستشفى.
كما يمكنك أيضًا في كثير من التخصصات أن تضم فترة عملك بالتخصص السابق إلى فترة عملك بالتخصص الجديد.
4- التعليم المستمر:
تتميز المنظومة الصحية الألمانية بالاهتمام بتطوير الأطباء مهنيًا؛ حيث توفر المستشفيات والنقابات الطبية في جميع الولايات الفيدرالية والنقابات الطبية بها الدورات التدريبية، والمؤتمرات، وورش العمل، وكل ما يحتاجه الطبيب من تعليم طبي مستمر.
قد تستطيع أن تختار من قائمة دورات تدريبية تقدمها المستشفى، أو أن يرشحك القسم لحضور مؤتمر في مستشفى أو ولاية أخرى، وعادةً ما تتحمل المستشفى معظم التكلفة.
تتنوع الدورات ما بين الدورات الأكاديمية، مثل: شروحات في تخصص معين، أو دورات إكلينيكية، أو تخصصية في تقنيات حديثة.
كما يجب على الطبيب أن يحضر عدد معين من تلك الأنشطة العلمية؛ حتى يحصل على عدد من نقاط التقييم النهائي التي تساعده في الحصول على شهادة الاختصاصي (الفاخ)، واستمرار التسجيل في النقابة.
5- شهادة الاختصاصي في ألمانيا (الفاخ):
تعادل شهادة الفاخ Facharzt شهادة الماجستير، أو الزمالة في معظم البلدان العربية؛ حيث يصبح الطبيب الحاصل على الفاخ طبيب متخصص في تخصصه الطبي، ويحصل عليها بعد اجتياز فترة تدريبه كطبيب مقيم، أو كطبيب مساعد assistenzarzt، والتي تمتد إلى خمس سنوات في المتوسط في معظم التخصصات.
بعد حصول الطبيب على الفاخ يحق له الترقي إلى الاستشاري، كما يحق له العمل الخاص في عيادته الخاصة.
وفي حالة حصوله على الجنسية الألمانية يستطيع الطبيب أن يعمل في أيًّا من دول الاتحاد الأوروبي.
وهناك من يفضل استكمال رحلته بألمانيا، وهناك من يفضل الاكتفاء بالحصول على الفاخ والجنسية؛ ليذهب بعدها إلى دول الخليج العربي؛ للحصول على رواتب أعلى.
كما يفضل البعض الآخر من الأطباء العودة إلى وطنهم بعد مرحلة الفاخ؛ لاستكمال العمل في بلادهم، وخدمة أبناء وطنه بما استفاده من خبرات مميزة. وربما لا يتم الاعتراف بالشهادة الألمانية في وزارة الصحة في بعض البلدان العربية، ومنها: مصر.
ومن أهم مزايا النظام الألماني سهولة تغيير التخصص حتى بعد الحصول على (الفاخ) في تخصص معين.
يشعر كثير من الأطباء بعد حصولهم على (الفاخ) في تخصص ما أنهم لا يرغبون في استكمال العمل به، ويفضلون تغيير التخصص جذريًا أو استكمال التدريب في تخصص فرعي weiterbildung.
يستطيع الطبيب أيضًا الوصول إلى المناصب الإدارية في عمله بالترقي إلى رئيس للأطباء Oberarzt، أو رئيس قسم في تخصصه Chefarzt.
ثانيًا:- عيوب العمل الطبي في ألمانيا:
1- التكلفة المادية المرتفعة:
يستثمر الطبيب مبلغ كبير في بداية رحلته حتى حصوله على العمل الأول، والحصول على أول راتب؛ حينها تبدأ مرحلة تعويض الخسائر المادية؛ لأنه قد يستدين الطبيب المال من أهله حتى ينهي دراسة اللغة الألمانية والتي تكلف عادةً مبلغ كبير في البداية، ولكن التكلفة الأكبر ستكون عند الوصول إلى ألمانيا، والبحث عن الوظيفة الأولى.
يحتاج الطبيب بعد مرحلة دراسة اللغة الألمانية أن يحضر أوراقه وشهاداته، ويترجمها، ويوثقها من السفارة الألمانية، كل هذا سوف يكلف الطبيب أعباء مالية إضافية.
للحصول على التأشيرة السفر تطلب السفارة الألمانية فتح حساب بنكي مغلق بألمانيا، وإيداع مبلغ كافي للمعيشة شهريًا، وهو مقدّر من الحكومة الألمانية (حوالي ٨٥٠ يورو شهريًا) لمدة صلاحية التأشيرة والتي تتجاوز أحيانًا السنة والنصف.
يحتاج الطبيب إلى مبالغ تقدر من 10,000 حتى 20,000 على الأقل؛ لتغطية مصاريفه خلال فترة بقاءه في ألمانيا بحثًا عن العمل الأول.
2- اللغة الألمانية الصعبة:
لا ينكر أحد أن من ضمن مساوئ العمل في ألمانيا هي صعوبة اللغة الألمانية، فيحتاج الطبيب إتقان اللغة الألمانية بشكل فعلي وعملي، بعيدًا عن الحصول على شهادة إتمام مستوى اللغة B2 أو اللغة الطبية والتي تكافئ مستوى C1 في اللغة العامة.
يعاني الكثيرون بعد مجيئهم إلى ألمانيا من شعورهم بعدم الجدوى لمجرد صعوبة فهم من حولهم من أشخاص في حياتهم العامة، أو حياتهم المهنية بعد الحصول على عمل.
اللغة الألمانية غير مألوفة للكثيرين؛ ممن لم يدرسوها في مراحل التعليم الأساسي، على عكس الأجيال الجديدة التي تُعد ميزة بالنسبة لهم؛ لإتاحة الفرصة لهم في تعلم الألمانية منذ الصغر -في المدرسة-.
عادةً ما يبدأ الطبيب بتعلم اللغة الألمانية في مرحلة الجامعة، وهي مرحلة متاخرة نسبيًا.
أحيانًا ما يشعر الطبيب أنه مضغوط للوصول إلى المستوى اللغوي المتقدم المطلوب منه للسفر (B2 غالبًا) في أقصر وقت ممكن، ولكن تحتاج اللغة فترة كافية لتعلمها ولا ينصح غالبًا بالاستعجال في مرحلة التعلم.
تعالج مشكلة التواصل اللغوى بشكل أسهل بعد الوصول إلى ألمانيا، وقضاء فترات معايشة بالمستشفيات (هوسبيتاتسيون Hospitation)، أو الحصول على فرصة عمل.
كما قد يعاني الطبيب في الحصول على العمل؛ بسبب المستوى اللغوي لديه، والذي يظهر في مقابلات التوظيف.
وهناك من ينصح بضرورة دراسة اللغة العامة حتى مستوى متقدم C1، ومن ثم دراسة اللغة الطبية بشكل جيد؛ وبذلك تزيد فرص التوظيف.
كما تتحسن مهارات الاستيعاب والطلاقة في التحدث مع مرور الوقت، والممارسة المنتظمة للغة، ولكن الوصول لمرحلة الإتقان ستحتاج ربما لسنوات.
3- البيروقراطية الألمانية:
قد يظن الغالبية من الأطباء أنه لا يوجد بيروقراطية في الدول المتقدمة كما عندنا في بلداننا العربية، ولكن للأسف هناك بيروقراطية أيضًا في ألمانيا؛ فهناك صعوبات كبيرة في الحصول على مواعيد بجميع المصالح الحكومية ومن ضمنها (السفارة الألمانية)، ولعله قد يعطيك فكرة مسبقة عن الوضع في ألمانيا، فلربما تحتاج أن تنتظر عدة أسابيع أو أشهر؛ لإنجاز ورقة، أو الحصول على قرار.
عندما يرغب الطبيب في الحصول على موعد لامتحان اللغة الطبية، ربما لا يحصل عليه قبل ثلاثة أشهر أو أكثر، وقد يصل الأمر إلى حد الانتظار لسنة كاملة أو أكثر؛ للحصول على موعد لامتحان المعرفة الطبية الأبروباتسيون.
قد يقابل الطبيب عوائق كثيرة في طريقه لقبول أوراقه وشهاداته، والاعتراف بمعادلتها للشهادة الألمانية.
هناك بعض المراسلات الرسمية التي تحتاج أن تقوم بها عبر البريد من داخل ألمانيا، وهذا يتطلب وجودك شخصيًا لتقوم بهذا، أو توكيل شخص آخر يمكنه أن يساعدك في إرسال واستلام الرسائل.
ستقابل معاناة أخرى مع ملء الاستمارات في كل خطوة من خطواتك داخل ألمانيا.
4- اختلاف الإجراءات بين الولايات:
عادةً ما يحتاج الطبيب أن يختار الولاية التي يرغب بالعمل بها قبل إرسال أوراقه لمعادلتها، لكن قد يغير الطبيب رأيه بعد فترة من البدء في الإجراءات.
يستطيع حينها أن يطلب نقل ملفه إلى ولاية أخرى، لكن هذا سوف يستغرق وقت طويل وأيضًا يُكلفه كثير من المال.
5- عَقَبة وعد العمل:
ترفض بعض هيئات المعادلة Appropationbehörde إعطاء الطبيب موعد لامتحان اللغة الطبية؛ من أجل استكمال إجراءات الحصول على ترخيص مؤقت لمزاولة المهنة -بدون توفر وثيقة وعد العمل Einstellungszusage من إحدى المستشفيات أو العيادات.
ترفض المستشفيات كثيرًا إعطاء وعد بالعمل لطبيب لا يعرفون متى سوف يتم إجراءات حصوله على ترخيص العمل؛ حينها يقع الطبيب بين مطرقة هيئة المعادلة وبين سندان المستشفيات.
لذلك قد يلجأ الطبيب أحيانًا إلى تجنب تلك الولايات التي تطلب وعد العمل؛ أو أن يصاحبه التوفيق في إيجاد المستشفى التي تتفهم الوضع، وتوافق على منحه وعد بالعمل لاستكمال خطواته الباقية لاستخراج ترخيص مزاولة المهنة المؤقت.
6- صعوبة الامتحانات المؤهلة للترخيص:
الحصول على العمل في ألمانيا ما زال مرتبط أساسًا بتجاوز الامتحانات بداية من شهادة اللغة الألمانية العامة B2، ثم يليها امتحان الفاخ شبراخه أو اللغة الطبية، ثم الامتحان الأصعب وهو الأبروباتسيون؛ فتزداد الصعوبة تدريجيًا، ويزيد التوتر في كل مرحلة، خاصةً في حالة التعثر والفشل في النجاح.
يتميز امتحاني اللغة الألمانية العامة والطبية بأنهما لا يوجد حد لمرات الرسوب وإمكانية الإعادة.
أما امتحان المعرفة الطبية أو الكينتنسه Kenntnisseprüfung، فيحصل الطبيب على ثلاث فرص فقط للنجاح، وإن لم يستطع فسيفقد الفرصة نهائيًا في ممارسة الطب في ألمانيا، ويخسر كل شيء للأسف.
7- صعوبة الحصول على العمل الأول:
دائمًا ما يجتمع الأطباء في ألمانيا على مقولة: أن بعد إيجاد العمل الأول سوف يصبح الأمر يسيرًا بعدها.
وهذا منطقي للغاية؛ لأنه من الصعب على رئيس القسم أن يوافق على توظيف طبيب ليس لديه خبرات كبيرة في ألمانيا بجانب مستواه اللغوي الضعيف؛ لذلك يصبح قرار توظيف طبيب بتلك المواصفات مخاطرة كبيرة.
كما أن هناك عوامل أخرى تجعل الحصول على الوظيفة الأولى صعبة، منها: أن بعض المستشفيات لا توافق على توظيف الأطباء بغير ترخيص دائم (أبروباتسيون)، ولا يوافقون على من يحمل ترخيص مزاولة مهنة مؤقت (بيروف إرلاوبنس).
عادةً ما تستغرق عملية البحث عن الوظيفة، وتحديد موعد مقابلة شخصية، والرد على الطبيب بالإيجاب أو الرفض وقتًا طويلـًا.
8- صعوبة المنافسة في بعض التخصصات:
نظريًا يمكنك الحصول على أي تخصص في ألمانيا طالما هناك وظيفة شاغرة داخل المستشفى، ولكن على أرض الواقع يجب على الطبيب أن يتوقع منافسة كبيرة بين الأطباء الألمان والأجانب على تخصصات معينة، وأهمها: (الجراحات التجميلية، والعيون، والجلدية)؛ إذ تقل فرص التوظيف بتلك التخصصات فتزيد المنافسة بين المتقدمين على شغلها، وعلى النقيض تقل المنافسة بسبب زيادة الفرص الشاغرة للتوظيف في التخصصات الطبية العامة، مثل: (الباطنة، والجراحة العامة، والطب العام، والنفسية).
9- غياب منظومة التعليم:
يشتكى الكثير من الأطباء الموجودين في ألمانيا من غياب النظام التعليمي الواضح أثناء فترة التخصص؛ لأن التعليم في ألمانيا يعتمد على مبدأ المجهود الذاتي في التعلم؛ بزيادة الاحتكاك بالمرضى، واكتساب خبرات الزملاء من خلال الممارسة اليومية.
قد يتواجد ما يسمى لوج بوخ Logbuch، وهو كتيب لمقرر التدريب داخل التخصص؛ يحتوى على كافة المهارات اللازم أن يتعلمها الطبيب خلال سنوات التخصص، لكن لا أحد يراقب هذا خلال فترة التدريب فيصبح الأمر مجرد ورق -شكلي فقط-.
هناك شكوى أيضًا من تأخر تعلم المهارات المتقدمة، أو المشاركة بها، مثل: (العمليات، والتداخلات)؛ وقد يكون هذا مبررًا بالحرص الشديد على سلامة وحقوق المرضى.
10- ضغط العمل:
يعد العمل بنظام الوقت الكامل في ألمانيا مرهقًا أكثر مما يبدو عليه؛نعم.. يعمل الطبيب في اليوم الطبيعي حوالى 8 ساعات ونصف، ولكن بسبب مهام العمل الكثيرة يحتاج الطبيب أن يبقى لفترة أطول حتى ينجز باقى المهام المتراكمة.
يعاني الكثير من الأطباء في ألمانيا من متلازمة الإنهاك الوظيفي بسبب ضغوطات العمل، والحياة الأسرية المعدومة الناتجة عنها.
كما تشغل المهام الورقية والإدارية جزءًا كبيرًا من وقت الطبيب في العمل، وهذا شيء لا يحب الطبيب عمله على أي حال.
11- بيئة العمل، وطبيعة الشخصية الألمانية:
قد تسمع جملة: \”يوجد الكثير من العنصرية في ألمانيا\”؛ ربما هذا صحيح.. كما أن هناك عنصرية في كل البلدان وحتى بلداننا العربية.
تحيز المواطن الألماني لمواطني بلده طبيعي أحيانًا، وعدم الثقة في الأجنبي أيضًا قد تولد لدى الألمان سلوك عنصري. كل هذا يتلاشى بمجرد إثبات الذات داخل العمل، ويتحول إلى ثقة متبادلة واحترام.
كما أن هناك عنصرية خفية من بعض الأطباء الألمان، تظهر في إطار العمل، ولكنها ليست عنصرية ظاهرة؛ بسبب تجريمها داخل القوانين الألمانية. ربما شعرت بها داخل بلدك في ممارسة الطب مع طبيب أكبر لا يستلطفك فيتجاهل تعليمك، ويفضل تعليم طبيب آخر عنك.
وهناك عيب آخر في الشخصية الألمانية لا يتحمله بعض الأطباء الأجانب، وهو الانتقاد الصريح واللاذع أحيانًا، وقد يفسره البعض بأنه صرامة؛ بسبب تقديس العمل والمسئولية.
في نهاية المقال، نود أن نذكرك عزيزي الطبيب أن لكل طريق المزايا والعيوب الخاصة به، وتلك هي طبيعة الحياة. لذلك يجب عليك دراسة تلك النقاط جيدًا قبل إتخاذ أي خطوة تجنبًا للندم وضياع الوقت والمال.
المراجع:
تعليقات