fbpx

اللسان الأبيض | عَرَضٌ عابر أم إنذار بالخطر!

   في صباح يومٍ ما بينما كنت أُداعب طفلي البالغ من العمر عامين إذ بي ألمح شيئًا غريبًا ومُلفِتًا داخل فمه فلسانه يبدو باللون الأبيض؛ فبدأت أحاول التذكر إذا كان قد أكل طعامًا معينًا تَسبَّب في هذا اللون المفاجئ؟! لكن لم أجد شيئًا غير المعتاد في طعامه، فبدأ ينتابني القلق حول هذا الأمر وتبادر إلى ذهني سؤال.. ما إذا كان هذا الأمر معقدًا أم مجرد فطريات بسيطة؟ وفي النهاية قررت أن الحل لهذا التخوف بداخلي هو استشارة طبيب طفلي، وبعد الفحص أخبرني الطبيب بأن التشخيص يُعرَف باسم اللسان الأبيض، وبدأ يخبرني بكل المعلومات عن هذه الحالة.

محتويات المقال:

  • ما المراد باللسان الأبيض؟
  • أسباب ظاهرة اللسان الأبيض.
  • اللسان الأبيض ورائحة النفس الكريهة.
  • ما الفرق بين اللسان الأبيض والطَلوان أو الصداف؟
  • العِلاقة بين نزلات البرد والتهاب الحلق وظاهرة اللسان الأبيض.
  • اللسان الأبيض وسرطان الفم.
  • اللسان الأبيض لدى الرضع.
  • هل توجد صلة بين اللسان الأبيض وكوفيد-19؟
  • علاج اللسان الأبيض.
  • ما المراد باللسان الأبيض؟

   هو طبقة سميكة متكونة من بقايا الطعام والبكتيريا والخلايا الميتة على اللسان بالكامل أو أجزاء منه، وغالبًا لا يكون مصحوبًا بأيّ ألم كما أنه يكون مؤقتًا لأنه يزول عادةً بعد أسبوعين، ولكن المزعج في هذا الوضع هو النفور والإحراج من شكل اللسان.

   لا تستدعي هذه الحالة القلق في معظم الأحيان ولكن هناك بعض الحالات النادرة التي يكون فيها اللسان الأبيض علامةً مبكرةً على وجود عدوى أو سرطان الفم.

  • أسباب ظاهرة اللسان الأبيض:

   يرجع السبب الرئيس في تلون اللسان بالأبيض إلى تورم الحُليمات أوالنتوءات التي تغطي اللسان والتهابها؛ فيترتب على ذلك تراكم البكتيريا، والخلايا الميتة، وبقايا الطعام فيما بينها مسببة اللسان الأبيض،  وكذلك هناك بعض العوامل الأخرى التي تُسبب هذه الظاهرة، مثل:

  • عدم الاهتمام بغسل الأسنان وتنظيفها.
  • جفاف الفم.
  • التنفس بواسطة الفم.
  • الجفاف.
  • تناول الكثير من الأطعمة اللينة.
  • التدخين.
  • إدمان الكحول.
  • التهيُّج؛ بسبب الحواف الحادة، مثل: تركيبات الأسنان، والتقويم.

    توجد بعض الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى ظهور بقع بيضاء فقط لا تلـوّن اللسان كله، مثل:

  • داء القلاع الفموي (Oral thrush): هو عدوى تحدث بسبب النمو المُفرط لفطريات الكانديدا بالفم.
  • عدوى الزُهرِي البكتيرية.
  • اللسان الجغرافي.
  • الحَزاز المُسطح الفموي.
  • الطَلوان أو الصداف (leukoplakia).
  • سرطان الفم.
  • سرطان اللسان.
  • استخدام أدوية معينة لفترات طويلة، مثل: المضادات الحيوية التي قد تسبب فطريات بالفم على المدى البعيد.
  • وجود بعض الأمراض التي تقلل المناعة، منها على سبيل المثال: مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز).
  • اللسان الأبيض ورائحة النفس الكريهة:
اللسان الأبيض

   يعاني بعض الأشخاص من مشكلة النَفَس الكريه التي يرجع سببها إلى البكتيريا المُنتِجة للكبريت، إضافةً إلى عوامل أخرى تتشابه مع أسباب ظاهرة اللسان الأبيض، مثل: إهمال نظافة الفم والأسنان، وجفاف الفم، والتدخين.

    لعل من أبرز الأعراض الدالة على مشكلة رائحة النفس الكريهة ظهور طبقة بيضاء على اللسان وبالأخص في الجزء الخلفي منه، مع أعراض إضافية تشمل الآتي:

  • إحساس حارق باللسان.
  • تنقيط أنفي خلفي.
  • اللعاب السميك.
  • الشعور الدائم بطعم لاذع أو معدني بالفم.

   لا يعتمد علاج رائحة الفم الكريهة على أدوية معينة ولكن يتوقف ذلك على تحديد المُسبِب لهذا العرض، ومن ثَمَّ معرفة الحل المناسب سواء كان ذلك بتنظيف اللسان باستخدام فرشاة مخصصة لذلك؛ فيُنظَف من الخلف للأمام، أو الاهتمام بغسل الأسنان، أما إذا كان السبب بكتيريًا فإن العلاج الأمثل هو المضادات الحيوية، مثل: الميترونيدازول.

  • ما الفرق بين اللسان الأبيض والطَلوان أو الصداف؟

   يُعد الفرق الجوهري فيما بينهما هو مدى انتشار اللون الأبيض في الفم؛ إذ إنه يغطي اللسان بِرُمَّته في ظاهرة اللسان الأبيض، بينما يظهر في صورة بقع متفرقة على اللسان في الصداف إضافةً إلى تكونها كذلك يكون على اللثة، والجزء الداخلي من الخد، والجزء السفلي من الفم (تحت اللسان)، أما السبب في ظهورها فليس محددًا بعد ولكن يُرجح أن التدخين بشراهة عامل أساسي في هذا المرض.

   يوجد نوع آخر من الطلوان يُسمى الطلاوة المشعرة أو الطلاوة المشعرة الفموية التي تتكون نتيجة الإصابة بفيروس إبشتاين بار (الذي يظل كامنًا داخل الجسم مدى الحياة) لكنه قد يَنشَط ويُسبب ظهورها لدى الأشخاص الذين يعانون ضعف الجهاز المناعي بسبب الأمراض، مثل: مرض الإيدز.

  • العِلاقة بين نزلات البرد والتهاب الحلق وظاهرة اللسان الأبيض:
اللسان الأبيض

   يحدث أحيانًا أن يكون التهاب الحلق أو الكحة مصحوبين بظهور بقع بيضاء على اللسان لكن لا يعني بالضرورة الإصابة باللسان الأبيض إنما هو إشارة إلى وجود عدوى التي ربما تكون:

  • فيروسية، مثل: البرد.
  • فطرية، مثل: داء القلاع.
  • بكتيرية، مثل: التهاب الحلق.

   ما يؤكد الإصابة بإحدى العدوى السابقة مع وجود البقع البيضاء هو  ظهور الأعراض الأخرى المميزة لكل عدوى، التي تشمل ما يلي:

1- أعراض التهاب الحلق:

   يحدث التهاب الحلق بسبب عدوى بكتيرية، وأحيانًا فيروسية، أو بسبب بعض السموم أو المهيجات،  وتشمل أهم أعراضه الأخرى ما يلي:

  • الحمى.
  • الكحة.
  • الرشح.
  • بحة الصوت.
  • العطس.
  • ألم بالجسم.
  • ألم بالأذن.

2- أعراض نزلات البرد:

   تعد نزلات البرد من الأمراض المُعدية التي تحدث نتيجة عدوى فيروسية،  ومن أعراضها التالي:

  • احتقان الأنف.
  • الصداع.
  • الكحة.
  • التهاب الحلق.

3- أعراض داء القلاع:

   يوجد فطر الكانديدا بصورة طبيعية في الفم بنسبة معينة، والمسؤول عن ذلك هو الجهاز المناعي للجسم والبكتيريا الطبيعية بالفم؛ لذا إذا حدث اختلال لهذا التوازن فيتزايد نمو الكانديدا مُسببة بذلك داء القلاع  الذي تكون أعراضه ما يلي:

  • احمرار تحت البقع البيضاء المنتشرة على اللسان، أو على الطبقة الداخلية من الخدين.
  • تَشَقُّق الشفاه.
  • رائحة النفس الكريهة.
  • الإحساس بطعم غريب في الفم.
  • تقرحات في اللثة.
  • جفاف الفم.
  • اللسان الأبيض وسرطان الفم:

   قد يصيب سرطان الفم عدة أماكن به، مثل: مقدمة اللسان، أو الجزء السفلي منه، وينقسم السرطان إلى عدد من التصنيفات وفقًا لمدى انتشاره وشدته، أما السبب المُحدَد لا يزال مجهولًا  لكن هناك بعض العوامل التي تساعد على تطوره، مثل:

  • التدخين.
  • المشروبات الكحولية.
  • الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري.
  • وجود تاريخ مرضي عائلي للإصابة بسرطان الفم أو اللسان.
  • إصابة الشخص بأحد أنواع السرطان -فيما مضى-.
  • عدم الاهتمام بنظافة الفم.

   أما أعراض سرطان الفم فتكون غير ملحوظة في بداية الإصابة لكن ربما يُلاحَظ بعض التقرحات التي لا تلتئم وتنزف بسهولة،  ومع تطور مراحل المرض تبدأ الأعراض الأخرى في الظهور تباعًا، التي تشمل ما يلي:

  • بقع بيضاء أو حمراء على اللسان.
  • قرح مستمرة على اللسان.
  • ألم عند البلع.
  • التهاب مستمر بالحلق.
  • نزيف دون سبب من اللسان.

   بذلك نجد أن اللسان الأبيض يُعد عَرَض من أعراض الكثير من الأمراض لكنه يبدو في كلٍ منها بشكل مختلف فيظهر في بعضها على صورة بقع متفرقة، وفي البعض الآخر كطبقة بيضاء تغطي اللسان كُلََّه.

  • اللسان الأبيض لدى الرضع:
اللسان الأبيض

   تُعد الأيام الأولى -بالأخص- من حياة كل طفل محطًا للأنظار؛ فتكون الأم دائمًا حريصةً على متابعة أيّ وضع غير طبيعي لدى الطفل، فعلى سبيل المثال: قد تُلاحظ الأم طبقة بيضاء على لسان طفلها، وتتساءل.. ما السبب في ظهورها؟ يرجع السبب في ذلك إلى تراكم بقايا اللبن من الرضاعة على اللسان؛ وذلك لعدم قدرة الرُضع على إنتاج الكمية الكافية من اللعاب لإزالة اللبن المتكون على اللسان.

   يُرجَح كذلك أن سبب هذا اللسان الأبيض هو داء القلاع الفموي بسبب فطر الكانديدا الذي يؤدي إلى ظهور تقرحات وبقع بيضاء في الفم، بالإضافة إلى تشققات في جانبي الفم مع صعوبة عند الرضاعة، وعادةً لا يترتب على داء القلاع مضاعفات إلا إذا كان الرضيع يعاني ضعف الجهاز المناعي؛ مما يُؤدي إلى انتشار العدوى إلى أماكن أخرى من الجسم.

   إذًا كيف يمكن التمييز بين إذا كان هذا اللسان الأبيض بسبب داء القلاع الفموي أو مجرد بقايا من اللبن؟ يمكن معرفة ذلك بطريقة بسيطة باستخدام قطعة قماش دافئة ومبللة ثم محاولة مسح هذه الطبقة برفق؛ فإذا أُزيلت فهذا يؤكد أنها مجرد بقايا من لبن الرضاعة، وإذا لم تتأثر فهي إذًا بسبب الفطريات.

  • هل توجد صلة بين اللسان الأبيض وكوفيد-19؟

   منذ عام 2020 والعالم أجمع يكافح لمواجهة فيروس كوفيد-19الذي يفاجئنا باستمرار بتحوراته وأعراضه المختلفة غير الشائعة، ومنها: لسان كوفيد، فيُلاحظ المريض تَغَيُّر غير طبيعي في اللسان؛ فيبدو متورمًا وملتهبًا، ويظهر باللون الأبيض بسبب البقع المتكونة عليه، يلي ذلك فقد حاسة التذوق مع الشعور بإحساس حارق بالفم.

   مما لا شك فيه أن العلماء لا يتوقفون عن إجراء الدراسات لمحاولة التوصل إلى تفاصيل أكثر عن هذه الأعراض المتحورة فوضعوا بعض النظريات المُحتمَلة في ظهور اللسان الأبيض لدى مرضى كوفيد، منها:

  • أنه نتيجة لمقاومة الجهاز المناعي لفيروس كوفيد.
  • يسبب فيروس كوفيد حدوث الكثير من العدوى، مثل: فطريات الكانديدا التي تؤدي إلى داء القلاع الفموي.
  • تؤدي الإصابة إلى جفاف الفم؛ بسبب نقص كمية اللعاب المُفرَزة الذي بدوره يؤثر على سلامة الفم.
  • يُحفز كوفيد الإصابة بعدد من الفيروسات، مثل: الهربس البسيط الذي يؤدي إلى تقرحات الفم.

   لا ننكر مجهودات العلماء لمحاولة تفسير غموض هذا الفيروس وأعراضه ولكن لا يمكن كذلك الجزم بمدى صحة هذه النظريات؛ لأنها في نهاية الأمر مجرد توقعات لهذا اللغز الذي سيطر على حياتنا.

  • علاج اللسان الأبيض:
اللسان الأبيض

   يعتمد العلاج وتنظيف اللسان الأبيض على تحديد المسبب الرئيس في ظهوره؛ فإذا كان السبب هو داء القلاع الفموي فإن العلاج يكون مضادات الفطريات الفموية لمدة أسبوع أو أسبوعين، بينما يُعالَج الحزاز المسطح الفموي في الحالات الشديدة باستخدام الكورتيكوستيرويدات أما الحالات البسيطة لا تحتاج إلى أدوية.

   كذلك لا يتطلب الطلوان وصف أيّ أدوية وإنما يعتمد فقط على المتابعة المستمرة مع طبيب الأسنان؛ حتى لا تزداد حالة المريض سوءًا، أما مجموعة البنسلين من المضادات الحيوية فتُستخدم لعلاج الزُّهري.

    هناك بعض العلاجات المنزلية التي تسهم في تقليل اللسان الأبيض، منها على سبيل المثال:

  • البروبيوتك.
  • استخدام بيكربونات الصودا على فرشاة الأسنان: تُقلل نمو البكتيريا المسببة لظهور هذا اللون.
  • تناول الثوم يوميًا: يساعد الجسم على مكافحة العدوى.
  • كشط اللسان برفق بأداة مُخصصة: يساعد على تنظيف اللسان الأبيض، والتخلص باستمرار من أيّ بكتيريا متكونة.

   في الختام.. نجد أن أفضل طريقة للوقاية من الإصابة باللسان الأبيض هي الاهتمام بنظافة وسلامة الفم، والحرص على غسل الأسنان واللسان يوميًا، كذلك لا يجب التغاضي أبدًا عن ظهور أيّ بقع بيضاء في الفم؛ لأنه ليس بالضرورة أنها دائمًا حالة بسيطة لكن ربما تكون دلالةً على أمراض أخرى خطرة، مثل: سرطان الفم.

قد يهمك أيضًا:

المصادر:

mayoclinic  | healthline  | medicalnewstoday

Responses