الآثار السلبية للاحتلال على النساء في غزة
عندما تتذكر فلسطين فقد تتخيل غزة على أنها رجل حازم مقاتل، أو تتخيلها ذلك الشاب الذي يقذف بالحجارة الإسرائيليين عبر السياج الحدودي، ولكن لغزة وجه آخر هو وجه النساء الفلسطينيات اللاتي يُقاومن الاحتلال الجائر، وهنَّ أيضًا العمود الفقري لمجتمع محبَط ومُجزأ.
تواجه المرأة في فلسطين مراحل متعددة من العنف والتميز، فقد أظهرت الدراسات الآثار السلبية العديدة للحصار والاحتلال على أوضاع المرأة في غزة، إذ أدَّى الحصار إلى فرض قيود صارمة على وصول النساء إلى الرعاية الصحية، بما في ذلك الصحة الإنجابية والنفسية لتحقيق مستويات معيشية مناسبة لهن ولأطفالهن.
عزيزي القارئ سوف نسلط الضوء هنا في صحة سكاي على تأثير الحصار والأزمات على النساء في غزة، وما هي العوائق الرئيسية التي تعوق عمل المنظمات النسائية لحماية المرأة.
ما هي الآثار السلبية للاحتلال على النساء في قطاع غزة؟
تشهد الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تدهورًا شديدًا بسبب الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتتالية، التي تؤثر سلبًا على النساء خصوصًا في قطاع غزة، وهذه الآثار هي:
1. زيادة أزمات الصحة النفسية والضغط النفسي على الفلسطينيات
هناك العديد من الأزمات التي تحدث في قطاع غزة منها: الحصار الإسرائيلي، والانقسام السياسي الداخلي والفقر والبطالة، ونقص الكهرباء وسوء مياه الشرب وانعدام الأمن الغذائي، ونقص الوقود وضعف البنية التحتية وتأخر عمليات إعادة الإعمار، كل هذه الأزمات الممتدة بالإضافة إلى ضحايا الحرب أدَّى إلى تأثر الضغط النفسي الاجتماعي وتآكل آليات التكيُّف والقدرة على الصمود.
أثرت هذه الأزمات على الصحة النفسية للسكان في غزة، ولكن التأثير على النساء أكبر لأنهن أكثر عرضة للتوتر والاكتئاب والعنف، فقد أشارت الدراسات التي أُجريت عام 2019 إلى أنه يحتاج 52000 شخص في غزة إلى علاج نفسي نتيجة للتوتر المستمر في قطاع غزة.
2. التعرض للاعتداءات العدوانية
تتعرض النساء الفلسطينيات للاعتداءات الإسرائيلية العدوانية والقاتلة أحيانًا ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، بالإضافة إلى أن مشاركتهن في المسيرات يُعرضهن للاعتداءات الإسرائيلية، فقد أفادت التقارير الصادرة عن وزارة الصحة أنه خلال الفترة من 2018 حتى 2019 قُتلت 12 امرأة وأُصيب 2440، كما أدت الأزمة الإنسانية المطولة في غزة إلى تفاقم العنف الاجتماعي بجميع أشكاله، مثل: العنف الجنسي والعنف الأسري وزواج الأطفال، فقد أفاد صندوق الأمم المتحدة للسكان أن أكثر من 148 ألف امرأة يتعرضن للعنف الاجتماعي في قطاع غزة.
3. فقدان رب الأسرة وزيادة عبء المسؤولية على المرأة
تسببت الاحتجاجات السلمية في سقوط عشرات القتلى وآلاف الجرحى، بالإضافة إلى حدوث الإعاقات وفقدان رب الأسرة؛ إذ يُمثِّل فقدان المُعيل للأسرة عبئًا كبيرًا عليها وخاصةً على المرأة، فيتعين على الأم تلبية جميع احتياجات الأسرة بما في ذلك الاحتياجات المادية، وتكون هذه العواقب أقسى على النساء المصابات أو اللاتي لديهن أطفال مصابين، وبالتالي يصبحن أكثر إرهاقًا وتوترًا بسبب الركود ومساعدتهم على القيام بالوظائف الأساسية مما يضاعف العبء على المرأة.
ما هو دور المقاومة النسائية في فلسطين؟
نشطت المرأة في النضال الفلسطيني منذ أيامه الأولى في عشرينيات القرن الماضي، فقد جاهدوا جنبًا إلى جنب مع الرجال ضد السيطرة البريطانية على بلادهم؛ إذ أسسوا منظمات خيرية وعبروا عن أنفسهم سياسيًا.
- في عام 1948 أُجبر غالبية الفلسطينيين على الفرار إلى المنفى، وهنا أدت النساء دورًا رئيسيًا لحماية عائلاتهن ونقل ذكرياتهن عن فلسطين إلى الأجيال اللاحقة، وفي الستينيات من هذا القرن اتجهت بعض النساء إلى تعلم المزيد من الأنشطة القتالية وتدريجيًا بدأت المرأة أيضًا في الانخراط في السياسة من خلال عضوية الفصائل السياسية الفلسطينية.
- عانت النساء كثيرًا من ارتفاع مستويات العنف وتدهور أمن المدنيين، وحرص العديد من الآباء في إبقاء بناتهم في المنزل أو تزويجهن نتيجة لعدم الشعور بالأمان وتعرض الفتيات للمضايقات عند سفرهن، ومع تدهور الوضع الاقتصادي قلت فرص العمل للمرأة بالإضافة إلى زيادة إصابة الصحة النفسية للنساء.
- مع مرور الوقت انجذبت العديد من النساء للمقاومة لتنظيمها وقدرتها الواضحة على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وأصبح بعضهن مناضلات، وعلى الرغم من أن مشاركة المرأة في العنف هو علامة خطر على المجتمع، إلا أن الواقع يشير إلى أن فلسطين ليس لديها السياسية ولا الأسلحة لخوض حرب تقليدية، لذلك فهي تعتمد على جميع أعضائها للمشاركة وإخبار العالم بما يحدث في غزة.
عواقب الحرب على الصحة النفسية للمرأة الفلسطينية
تستهدف الحرب السكان المدنيين وتشهد غزة زيادة كبيرة في نسبة الوفيات بين المدنيين في الحرب، وقد أشارت الدراسات إلى أن النساء أكثر عرضة للعواقب النفسية من الرجال؛ إذ تخلق الحرب مشكلات صحية حادة وطويلة الأمد للرجال والنساء، وتؤثر العديد من عواقب الحرب على صحة المرأة ويساهم في ذلك التغيُّرات المجتمعية التي تخضع لها ولا تعطي الأولوية لحياتها وصحتها، وكذلك يتعرض النساء في مخيمات اللاجئين إلى العديد من المخاطر والمضايقات.
غالبًا تخضع النساء اللاجئات أو اللائي يعشن في الحرب لرقابة اجتماعية شديدة، فيجب عليهن الالتزام باتباع الأنماط التقليدية وإبداء الولاء للعادات التقليدية، التي قد لا تتوافق مع وضعهن الحالي ورغباتهن، بذلك فإن الوضع الصحي للمرأة يتعرض لمجموعة متنوعة من المشكلات الناجمة عن الضغوط المؤلمة في الماضي والحاضر، بالإضافة إلى القيود التي يتعرضن لها مما يزيد من حرمانهن وتهميشهن.
المعوقات الرئيسية التي تؤثر على المنظمات النسائية غير الحكومية
1. سياسات الاحتلال
تمارس إسرائيل ضغوطًا مستمرة على منظمات المجتمع المدني، إذ أصدرت عدة قوانين استهدفت المنظمات الحقوقية التي عارضت الاحتلال وخاصةً تلك المنظمات في القدس الشرقية، بالإضافة إلى ذلك هناك حملات تحريض متزايدة ضد منظمات غير حكومية محددة، وخاصةً منظمات حقوق الإنسان.
2. نقص الأموال
تفاقم تدهور الأوضاع في غزة يسبب النقص الكبير في دعم بعض المانحين، مثل: الأونروا والمنظمات غير الحكومية مما يقلل الاستجابة لاحتياجات السكان المستمرة.
3. عدم توضيح سياسة التمويل
تؤدي إجراءات التمويل المرهقة والتمويل المشروط إلى صعوبة حصول بعض المنظمات غير الحكومية الإنسانية على الأموال، وتزيد من أعباء عملها وأيضا التنافس بين المانحين لتقديم الدعم وفقًا لأولوياتهم وسياساتهم وعدم التنسيق يُعقِّد عمل المنظمات غير الحكومية.
الاحتياجات الهائلة والموارد الشحيحة ومستوى التنسيق المنخفض
هناك حقيقة أن الموارد المتاحة محدودة وهناك غياب لخطة وطنية واضحة للاستجابة لحالات الطوارئ وأيضًا نقص التنسيق بين المنظمات وزيادة عدد المصابين فاق قدرة المنظمات على الاستجابة لاحتياجات المشاركين، وعدم وضوح دور منظمات المجتمع المدني بين المستفيدات، كل هذه الأسباب أثرت سلبًا على قدرة المنظمات النسائية في تقديم الخدمات للفلسطينيات في غزة.
4. أدوار ومسؤوليات غير واضحة
من أسباب معوقات دور المنظمات النسائية عدم وجود دور حقيقي لمنظمات المجتمع المدني النسائية لتقديم الدعم النفسي للمرأة الفلسطينية، تمتلك المنظمات النسائية الخبرة ويمكنها المساهمة إيجابيًا لتقليل تأثير الاحتياجات الماسَّة للنساء في غزة، ولكن هذا لا يحدث بالشكل الكافي الذي يسد احتياجات النساء النفسية في قطاع غزة.
ختامًا عزيزي القارئ تعاني المرأة الفلسطينية مثل الرجل من قلة الموارد وزيادة الأعباء؛ ولكنها قد تتأثر نفسيًا أكثر من الرجل نظرًا لطبيعتها الفسيولوجية، لذا فعلينا دعمها والتبرع للمنظمات النسائية في غزة حتى تتجاوز مشكلات الحرب والنزاع، ويتوفر الأمان لها ولأطفالها.
اقرأ أيضًا
معاناة نظام الرعاية الصحية في فلسطين| الصحة في منطقة الصراع
من قلب المحن تأتي المنح | قصص نجاح علماء فلسطينيون تتحدى الصعاب
طفولة في زمن الحرب | العنف وآثاره النفسية على الأطفال
المراجع: socialwatch.org | ncbi
تعليقات