توقف عن الصفع! العقاب الجسدي للطفل نواة للعنف الأسري مستقبلًا
تمثل ظاهرة العنف الأسري أزمة في جميع المجتمعات ولكن خبرنا اليوم من أستراليا.
تولي الدولة و الحكومة الفدرالية في أستراليا اهتمامًا بالغًا من أجل منع ظاهرة العنف الأسري. ومع ذلك، لم يُلتفت إلى أهم طرق منع العنف. توصلت المزيد من الأبحاث مؤخرًا إلى وجود صلة ثابتة بين التعرض للعقاب الجسدي من أحد الوالدين (بالصفع مثلاً) كنوع من العنف، وهؤلاء الأطفال الذين يتورطون في نوبات عنف تجاه شريكهم الحميم عندما يصلوا إلى مرحلة الشباب.
في حين أن هناك رابطًا قويًا بين التعرض للإيذاء كطفل والنشأة ليصبح متورطًا في حالات عنف أسري أو زوجي، فقد اعتبر صفع الأطفال غير مؤذي على مدار العصور.
ومع ذلك، فقد وجدت الأبحاث الجديدة أن الصفع له تأثير مماثل على دماغ الطفل لتأثير سوء المعاملة، حيث يمكن أن يتسبب التوتر والخوف الذي يثيره في إحداث تغييرات في بعض النواقل العصبية. من المرجح أن يؤدي لاحقًا إلى تعاطي الكحول والاكتئاب والسلوكيات المعادية للمجتمع والعدوانية، والتي قد تكون بدورها سوابق لعنف الشريك.
امتلك بعض الباحثون البارزون حجة قوية لإدراج العقاب الجسدي ضمن \”الأحداث المؤذية بمرحلة بالطفولة\”، وهي مجموعة من تجارب الطفولة المعروفة بأنها تسبب ضغوطًا عنيفة مرتبطة بالأضرار في مرحلة البلوغ.
اقرأ أيضًا : كيف نمنع انتحار الأطفال والمراهقين؟
تفسر نظرية التعلم الاجتماعي أيضًا العنف الناتج عن الأطفال الذين تعرضوا للصفع. نتعلم كيف نتصرف وفقًا لما نراه ونتعرض له، والصفع يخبر الطفل أن العنف طريقة مقبولة ومعتادة لإظهار الإحباط والتعامل مع \”سوء سلوك” الآخرين.
ويدعم هذا التفسير، دراسة شملت 32 دولة، والتي أظهرت نتيجتها أن الأشخاص الذين تعرضوا للصفع وهم صغار كانوا أكثر تقبلًا لظاهرة العنف بين الزوجين. لذا فإن تطبيع العنف داخل الأسرة أمام الصغار يزيد من احتمالية تورطهم في العنف الأسري في مرحلة البلوغ، كضحايا وجناة على حد سواء.
هناك اختلافات بين الجنسين أيضًا. من المثير للاهتمام أن بعض الأبحاث تظهر أن الفتيات اللاتي يتعرضن للصفع أكثر عرضة ليصبحوا ضحايا لعنف أزواجهم عندما يكبروا. في المقابل الأولاد الذين تعرضوا للضرب هم أكثر عرضة ليصبحوا الجناة.
وفقًا لليونيسف، يبدأ العنف تجاه الفتيات بالعقاب الجسدي في مرحلة المراهقة، والأسر التي تشهد عنف أسري هي أيضًا أكثر عرضة لصفع أطفالها.
يرى الباحثون، أنه تماشيًا مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، فإن نهج عدم تقبل العنف من المجتمع قد يزيد من معدلات الإبلاغ عن حوادث العنف الزوجي والأسري ويعزز الرسالة التي مفادها أن العنف غير مبرر ومؤذي، بغض النظر عن هوية الضحية.
تعد السويد أول دولة تحظر العقاب البدني في جميع المواقف عام 1979. يجرى دراسة الجيل الأول من الأطفال الذين نشأوا تحت مظلة ذلك التشريع، وتظهر بعض الأبحاث أن هناك عنفًا أقل بين المراهقين في البلدان التي يحظر فيها العقاب البدني.
يعد حظر العقاب البدني في المنزل فكرة لا تحظى بشعبية سياسياً. يعارض الآباء بشدة السماح للحكومة بالتدخل في كيفية تربية الأبوين لأبنائهم.
نشأ الكثيرون وهم يتعرضون للضرب ويبرر بعضهم إن ذلك لم يؤذهم أبدًا.
نظرًا لقوة الأدلة حول هذه القضية، نحتاج إلى البحث بجدية في الصلة بين العقاب البدني وعنف الأسرة لمنع انتشار العنف بين شريكي الحياة، إذ يساعد تسليط الضوء على منع العنف ضد الأطفال فرصة لتعليم كل من الأطفال والبالغين أن العنف غير مقبول على الإطلاق.
تعليقات