حساسية الأصوات | كيف يمكن أن تثير الميزوفونيا جنونك!
في ليلةٍ ما والجميع على مائدة العشاء، لاحظنا توتر أحد الأفراد وعدم اهتمامه بتناول الطعام، وحين سُئلَ عن السبب، طلب مِنَّا خفض صوت الملاعق، وتهدئة صوت مضغ الطعام، لكننا لم نهتم، وتتطور الأمر بتركه المكان كله؛ لكنها في حقيقة الأمر الميزوفونيا، هل فوجئت عزيزي القارىء بأنَّ ذلك الشخص لم يمزح؟ هل سمعت من قبل عن الميزوفونيا؟ إنَّه موضوع شيِّق للغاية، ومثير للاهتمام، لذا عزيزي القارىء ندعوك لإكمال هذا المقال؛ لمعرفة كل ما يخص ذلك الاضطراب.
محتويات المقال:
- ما هي الميزوفونيا؟
- ما أسباب الميزوفونيا؟
- ما محفزات الإصابة بالميزوفونيا؟
- ما أعراض الإصابة بالميزوفونيا؟
- ما العلاقة بين الميزوفونيا واضطراب فرط الحركة (ADHA)؟
- ما مضاعفات الميزوفونيا؟
- ما طرق تشخيص الميزوفونيا؟
- ما علاج الميزوفونيا؟
- ما طرق التأقلم مع الميزوفونيا؟
ما هي الميزوفونيا؟
“الميزوفونيا” هي كلمة يونانية تعني كراهية الصوت، وتُعرَف أيضًا بمتلازمة حساسية الصوت الانتقائية (sound sensitivity syndrome)، وهي اضطراب تؤدي فيه أصوات معينة إلى استجابات عاطفية وفسيولوجية قد يراها البعض غير معقولة، حيث يشعر المصابون بذلك الاضطراب بالغضب والانزعاج، والذعر واللجوء إلى الفرار، ويعاني المصابون غالبًا من حساسية الضوضاء، والانزعاج من الأصوات العالية الصادرة من الأفراد في حالة المضغ والبلع أو التنفس، لكنهم قد يعانون أيضًا من الأصوات الأخرى، والحركات المتكررة، وقد يستجيب المصابون بحساسية الأصوات إلى المحفزات البصرية أيضًا؛ ففي حالة رؤية شيء ينتج عنه صوت تظهر علامات القلق والتوتر والذعر لدى المصابين.
ما أسباب الميزوفونيا؟
قد تكون الأسباب الدقيقة للميزوفونيا غير معروفة، لكن هناك بعض العوامل التي تلعب دورًا كبيرًا في الإصابة بذلك الاضطراب، ومنها:
1. كيمياء الدماغ: قد تتطور الميزوفونيا بفضل الاتصال الشديد بين القشرة السمعية والشبكة البارزة؛ و القشرة السمعية هي جزء من الدماغ يعالج الأصوات، والشبكة البارزة مسؤولة عن تحديد الأصوات والمحفزات الأخرى، ومن ثَمَّ، قد يؤدي الاتصال الغير منتظم إلى زيادة نشاط أجزاء معينة من الدماغ؛ مما يحفز الاستجابة العاطفية الشديدة التي يواجهها المصابون.
2. الحالات العقلية: قد يكون الأشخاص المصابون باضطراب الوسواس القهري (OCD)، ومتلازمة توريت (Tourette syndrome)، واضطرابات القلق، ومتلازمة اسبرجر (Asperger’s syndrome) أكثر عرضة للإصابة بالميزو فونيا.
3. طنين الأذن: تُعَد الميزوفونيا من أكثر الاضطرابات شيوعًا لدى الأشخاص المصابين بطنين الأذن، وهي حالة يسمع فيها المصابون أصواتًا لا يسمعها شخصٌ آخر، مثل صوت الرنين.
4. علم الوراثة: تنتشر الميزوفونيا في العائلات؛ لذلك من المحتمل وجود عامل وراثي يُزيد من خطر الإصابة باضطراب حساسية الأصوات.
ما محفزات الإصابة بالميزوفونيا؟
قد يعاني المصابون بالميزوفونيا من السمع التوتري، فهم لا يتحملون أي ضوضاء أو أي صوت آخر بجانبهم، فأصحاب السمع التوتري يعانون أيضًا من حساسية الصوت عند النوم، في حالة حدوث ضوضاء أو حدوث أصواتًا حتى وإن كانت طفيفة، فيعانون دائمًا من عدم الارتياح خلال فترة النوم، وتختلف محفزات تلك الأصوات من شخص لآخر، فقد تكون شفوية أو بصرية، ومنها:
- قضم الطعام بصوتٍ عالٍ
- التهام الطعام
- بلع الطعام
- التنفس بصوتٍ عالٍ
- الصوت الناتج عند تطهير الحلق
- صوت الاستنشاق
- أصوات الكتابة
- صوت النقر بالقلم
- حفيف الأوراق أو القماش
- حركة عقارب الساعة
- صوت تقليم الأظافر
- أصوات أزيز ونقر الميكانيكي
- نقيق الطيور أو الصراصير
- أصوات تربية الحيوانات
كما توجد العديد من المحفزات البصرية الاخرى التي تزعج المصابين بمجرد رؤيتها فقط؛ لأنها تنتج صوتًا يثير غضبهم، ومنها:
- هز الأرجل والأقدام
- فرك الأنف
- لف الشعر
- المضغ بفم مفتوح
- تحريك الشفاه أو الفك بحركة المضغ.
ما أعراض الإصابة بالميزوفونيا؟
قد نلاحظ الميزوفونيا بشكل عام بحلول سن البلوغ، وتظهر الأعراض الأولى غالبًا بين الأشخاص التي تتراوح أعمارهم مابين 9 أعوام إلى 12 عامًا، ويُعَد ذلك الاضطراب أكثر شيوعًا بين النساء مقارنةً بالرجال، وتتمثل أهم الأعراض الأساسية للميزوفونيا في رد الفعل السلبي القوي تجاه الأصوات المثيرة، وتتضمن الاستجابة لتلك الأصوات مجموعة من المشاعر والعواطف والأحاسيس الجسدية، منها:
- الانزعاج والذعر والتهيج
- الاشمئزاز والغضب
- الشعور العدواني
- الرغبة في الانتقاد جسديًا أو لفظيًا
- العصبية والقلق
- فقدان السيطرة
- الشعور بالضيق
- الضغط في جميع أنحاء الجسم أو في الصدر
- زيادة معدل ضربات القلب
- ارتفاع ضغط الدم
- ارتفاع حرارة الجسم.
ما العلاقة بين الميزوفونيا واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)؟
غالبًا ما ترتبط الميزوفونيا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فقد يعاني الأفراد المصابون باضطراب فرط الحركة (ADHD) من الحساسية المفرطة للمؤثرات البيئية، مثل: المشاهد البيئية والروائح والأصوات، فقد لا يقدر المصابون على تثبيط استجاباتهم للمؤثرات الواردة، مع صعوبة في تنظيم الاستجابات العاطفية لمثل تلك المؤثرات؛ فيمكن أن يؤدي ذلك إلى رد فعل قوي.
ويوضح علم السلوك رد الفعل الفسيولوجي باعتباره سلوكًا انعكاسيًا اكتسبه المُصاب من خلال إرتباط الصوت بحالة فسيولوجية متوترة، مثل: القلق أو التوتر. ففي حالة حدوث التوتر والصوت في آنٍ واحد؛ فإنَّه يخلق السيالات العصبية التي تسبب الميزوفونيا في حالة سماع الصوت مرة أخرى.
ما مضاعفات الميزوفونيا؟
يمكن أن تشمل أهم مضاعفات اضطراب الميزوفونيا ما يلي:
- يصبح الشخص دفاعيًا ضد مواقف معينة
- يلجأ المُصاب إلى تغيير نمط حياته؛ لتجنب التجارب التي تؤدي إلى ظهور الأعراض
- تجنب التواصل الاجتماعي مع الأصدقاء وأفراد الأسرة، وقد يصل الأمر إلى تجنب النوم في غرفة واحدة مع الزوج
- صعوبة النجاح في العلاقات الإجتماعية أو المدرسة أو العمل.
ما طرق تشخيص الميزوفونيا؟
من الممكن إجراء اختبار الميزوفونيا وتشخيصها، كالآتي:
يُجرَى اختبار الميزوفونيا من خلال عرض المريض على أخصائي الرعاية الصحية، فقد يُجرِي الطبيب مقابلة طبية شاملة وفحص جسدي كجزء من التشخيص، ويسأل الطبيب بعض الأسئلة للمريض كاختبار ذاتي وروتيني، حيث يتضمن التشخيص استبعاد اضطرابات السمع الأخرى، بما في ذلك فقدان السمع المرتبط بالعمر، طنين الأذن، فرط السمع (شدة الانزعاج من الأصوات العالية)، والهلوسة السمعية (سماع أصوات ليس لها أساس للإدراك).
فقد يعمل الطبيب على استكشاف علامات الاكتئاب، الاكتئاب الهوسي، القلق، الاضطرابات السلوكية، وأعراض الصحة العقلية الأخرى، وغالبًا ما يطلب الطبيب إجراء اختبارات معملية روتينية في أثناء التشخيص المبدئي؛ لاستبعاد الأسباب الأخرى للأعراض؛ لأنه من الممكن أن تنتج أعراض الميزوفونيا عن عدد من الحالات الطبية أو عن الآثار الجانبية لبعض الأدوية المختلفة، وقد يلجأ الطبيب أيضًا في بعض الأحيان لإجراء الأشعة السينية (x-ray)، أو المسح الضوئي، أو أي شكل من أشكال التصوير الطبي.
ما علاج الميزوفونيا؟
لا يوجد في الوقت الحالي علاجٌ ثابت لاضطراب الميزوفونيا، ومع ذلك تساعد بعض العلاجات على التخلص من حساسية الأصوات، ومن أهمها:
1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد العلاج السلوكي المعرفي على تحسين ردود أفعال المصابين بالميزوفونيا، وتطوير استراتيجيات التأقلم وكيفية إدارة التفاعلات السلبية؛ حيث أثبتت إحدى الدراسات أنَّ ما يقرب من 50% من الأشخاص المصابين بحساسية الضوضاء والذين عولِجوا بالعلاج السلوكي المعرفي؛ شهدوا انخفاضًا كبيرًا في أعراض ذلك الاضطراب.
2. العلاج الدوائي: على الرغم من عدم وجود أدوية معتمدة لعلاج الميزوفونيا، لكن قد يصف الطبيب أدوية لعلاج الحالات المصاحبة، مثل: القلق والاكتئاب.
3. علاج إعادة التدريب على طنين الأذن (TRT): قد يساعد إعادة التدريب على طنين الاذن (TRT) الأشخاص المصابين بالميزوفونيا على تحمُّل الضوضاء؛ بحيث لا تسبب للشخص نفس القدر من الانزعاج، لكنها أيضًا تُستَخدم تقليديًا في علاج طنين الأذن.
ما طرق التأقلم مع الميزوفونيا؟
يتواجد العديد من أنماط واستراتيجيات التكيف، بالإضافة إلى أساليب الاسترخاء التي قد تساعد على تخفيف أعراض الميزوفونيا، ومنها:
- استخدام سدادات الأذن في حال التعرض للأصوات المزعجة
- ارتداء سماعات الأذن في حال الشعور بالأرق والإرهاق
- وضع خطة في حالة الشعور بنوبات وشيكة، مثل: ممارسة أسلوب الاسترخاء، كالتنفس العميق أو التخيل
- الانضمام إلى مجموعة دعم أو منتدى عبر الإنترنت لمن يعانون من الميزوفونيا
- لابد من التحدث إلى الأشخاص المقربين حول ما تشعر، فسوف يقدرون الحالة ويتجنبون إصدار بعض الضوضاء؛ لعلمهم بأنَّ تلك الأصوات ينتج عنها رد فعل سلبي
- قد تقلل أصوات المطر والطبيعة والأصوات الأخرى المماثلة لذلك من أعراض الإصابة، فقد يشعر أكثر من 85% من المصابين بالراحة عند سماع تلك الأصوات.
خلاصة القول عزيزي القارئ بعد أن أصبحت على علمٍ بالميزوفونيا فلابد من الاهتمام بالمصابين، وعدم الاستخفاف بمرضهم؛ لأنَّ ذلك الاضطراب قد يعرضهم للخطر، وفي حالة أنك من مصابي الميزوفونيا، فعليك باستخدام أساليب العلاج التي طُرِحَت خلال المقال، وفي حالة الإصابة الشديدة فلابد من استشارة أخصائي الرعاية الصحية أو النفسية.
المصادر:
قد يهمك أيضًا:
تعليقات