خيار فعال وموفر لعلاج اضطراب القلق الاجتماعي لدى الأطفال والمراهقين
يمكن أن يتسبب اضطراب القلق الاجتماعي في معاناة كبيرة للأطفال والمراهقين، وبالنسبة لكثير ممن يعانون من هذا الاضطراب، لا يوجد أمامهم خيارات عديدة من العلاجات الفعالة. وجد الباحثون في مركز أبحاث الطب النفسي في معهد كارولينسكا في ستوكهولم، أن العلاج المعرفي السلوكي عبر الإنترنت هو خيار علاجي فعال وخاصة من حيث التكلفة.
تبدأ أعراض اضطراب القلق الاجتماعي (المعروف سابقًا باسم الرهاب الاجتماعي ) عادة في الظهور أثناء فترة الطفولة، حيث يشعر الطفل المصاب بالخوف الشديد والمستمر من التعرض للملاحظة الشديدة والتقييم السلبي من قبل الآخرين خاصة في تجارب الأداء والمواقف الاجتماعية . يؤدي هذا الخوف عادة إلى تجنب مثل هذه المواقف المثيرة للقلق أو محاولة تحمل الضغط النفسي الشديد في سبيل تجاوزها ، مما يؤدي إلى فقدان القدرة على أداء المهام اليومية. يمكن أن يؤدي اضطراب القلق الاجتماعي لدى الطفل إلى ضعف إنجازه الدراسي، وعزلته الاجتماعية عن أقرانه، وعدم القدرة على مشاركتهم في الأنشطة الترفيهية.
يعد اضطراب القلق الاجتماعي أحد أكثر اضطرابات القلق شيوعًا بين الشباب ، إذ يؤثر على 5 إلى 10 ٪ من الشباب. على الرغم من العلاجات المعروفة القائمة على الأدلة لاضطراب القلق الاجتماعي، مثل العلاج المعرفي السلوكي ( CBT ) ، فإن من الصعب على الكثير من المرضى تلقي هذا النوع من العلاجات الفعالة.
من أجل إتاحة هذا العلاج الفعال للمرضى، قام باحثون في مركز أبحاث الطب النفسي في معهد كارلونيسكا وخدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين في منطقة ستوكهولم بتطوير وتقييم برنامج علاج معرفي سلوكي عبر الإنترنت (ICBT) لمدة 10 أسابيع للشباب المصابين باضطراب القلق الاجتماعي .
اقرأ أيضًا : ما فوائد تدريب الطلاب على تمارين اليقظة في المدرسة؟
أجريت الدراسة بين عامي 2017 و 2020 ، وشملت 103 شابًا تتراوح أعمارهم بين 10 و 17 عامًا بصحبة والديهم . انضم المشاركون بعد اختيارهم عشوائيًا، إما لخوض برنامج العلاج المعرفي السلوكي عبر الإنترنت، أو ضمن مجموعة مقارنة تعالج بالعلاج الداعم عبر الإنترنت.
تضمن كلا البرنامجين عشر وحدات علاجية عبر الإنترنت مع دعم من معالج نفسي أسبوعيًا ،وثلاث جلسات فيديو مع المعالج. بالتوازي تلقى الآباء أيضًا خمس جلسات دعم من المعالج النفسي عبر الإنترنت .
أظهرت النتائج أن العلاج المعرفي السلوكي عبر الإنترنت ICBT كان أكثر فعالية بشكل ملحوظ من العلاج الداعم في الحد من القلق الاجتماعي والأعراض النفسية المرضية المصاحبة، وكذلك في زيادة مستوى الأداء العام.
ظهر تفوق العلاج المعرفي السلوكي عبر الإنترنت ICBT في تقييمات أعراض اضطراب القلق الاجتماعي لدى المشاركين والتي أجراها مقيمون محايدون، وكذلك في تقييمات المشاركين أنفسهم وأولياء أمورهم.
وفقًا للباحثين، يمكن للعلاج عبر الإنترنت أيضًا زيادة توفير العلاج القائم على الأدلة للأطفال والمراهقين المصابين باضطراب القلق الاجتماعي.
تقول د.مارتينا نورد، صاحبة الدراسة وعالمة النفس والباحثة في مركز أبحاث الطب النفسي : “ إن تقديم العلاج عبر الإنترنت يعني أن الأطفال والآباء لا يضطرون إلى أخذ إجازة من المدرسة والعمل لزيارة منشأة للرعاية الصحية. نعتقد أيضًا أنه قد يسهل من الإقبال على طلب العلاج، حيث يمكن أن يجد الشباب المصابون باضطراب القلق الاجتماعي صعوبة بالغة في مقابلة معالجين مجهولين داخل مكان غير مألوف.”
كان إجمالي الوقت الذي يقضيه المعالجون في العلاج المعرفي السلوكي عبر الإنترنت ICBT حوالي ربع الوقت المستغرق عادةً في جلسات العلاج المعرفي السلوكي التقليدية لاضطراب القلق الاجتماعي.
تقول د. إيفا سيرلاتشيوس ، الطبيب النفسي للأطفال والمراهقين والأستاذ المساعد في مركز أبحاث الطب النفسي، ” يتيح زمن الجلسات القصير في مساعدة المعالج لعدد أكبر من المرضى وتقليل زمن الإنتظار . هذا أيضًا يجعل العلاج المعرفي السلوكي الرقمي أقل تكلفة لخدمات الرعاية الصحية ويمكن إعادة توزيع الموارد على أولئك الذين هم بحاجة أكبر إلى علاج مكثف.”
تعليقات