fbpx

علاقة حاسة الشم بالذاكرة | لماذا تَعْلَق بنا الذكريات عند شم رائحة ما؟

هل شعرت يومًا عندما شممت رائحة ما- أنك استحضرت ذكريات حدث ما- إلى الحد أن تشعر أنك تعيش هذا الحدث مجددًا؟

تقول د. تيريزا إل وايت، أستاذة ورئيسة قسم علم النفس في كلية لو موين في سيراكيوز: “غالبًا ما يقول الناس بأن حاسة الشم تستحضر الذكريات جيدًا؛ فشم رائحة صلصة طماطم تشعرك بأنك عدت إلى بيتك عائلتك وطهي أمك المفضل لك”. 

اهتمت العديد من الدراسات هذا العام بالبحث عن العلاقة بين الروائح واسترجاع الذكريات القوية، ومنها دراسة في Progress in Neurobiology حددت أن هناك أساس عصبي يفسر كيف يجعل الدماغ الروائح تثير الذكريات. 

اكتشف باحثون من جامعة كاليفورنيا أنواعًا محددة من الخلايا العصبية داخل مركز ذاكرة الدماغ المسؤولة عن اكتساب ذكريات ارتباطية جديدة، أي الذكريات المرتبطة بعناصر غير ذات صلة، مثل الرائحة. 

تقول دكتور باميلا دالتون، عالمة نفس تجريبي بمركز MPH: ” شعورنا بالروائح تكون عادة عندما تكون الرائحة متعلقة بشخص أو مكان أو حالة عاطفية. وعندما تكون هذه الأحداث بارزة، يمكن أن ترتبط الرائحة حينها ارتباطًا وثيقًا بالذاكرة- لدرجة أن تكرار شم الرائحة ذاتها كفيل بإحياء المشاعر المرتبطة بالحدث. 

لذلك يبدو أن الذاكرة العاطفية المرتبطة بالرائحة أقوى من ارتباط مثيلاتها مع باقي الحواس، يرجع إلى ميزة حاسة الشم في الوصول لمراكز الشم بالدماغ ومنه إلى الجهاز الحوفي limbic system مثل اللوزة Amygdala  والحصين Hippocampus، الذي يشارك في تنظيم المشاعر والذكريات العاطفية.

اقرأ أيضًا : دراسة تؤكد | العلاج السحري لفقدان حاسة الشم بسبب كورونا ليس دوائيا!

في دراسة نشرت عام 2010 في المجلة الأمريكية لعلم النفس، وجدت أن الذكريات المرتبطة بالروائح أكثر دقة ولكنها تميل إلى أن تسبب إثارة للذكريات العاطفية. عادة ما تكون أكثر الروائح تميزًا هي النادر تجربتها، لذلك عندما تشمها، ترتبط بشدة بشعور محدد. تقول د.دالتون أنه غالبًا كلما تعرض الشخص لهذا النوع من الروائح في سن مبكرة، تصبح تلك الرائحة أكثر بروزًا. ومع ذلك، يختلف المحفز الشمي بشكل كبير من شخص لآخر، بسبب تميز شعور كل شخص بالروائح. 

تقول د.وايت: ” الروائح لا تثير أنواع الذاكرة الاخرى جيدًا جدًا، على سبيل المثال: إذا أعطيتك سبع كلمات وسبع روائح لتتذكرها؛ سوف تتمكن من تذكر قائمة الكلمات أفضل بلا شك. توضح د. وايت أن الذاكرة الارتباطية ليست حكرًا على حاسة الشم فقط، ولكنها موجودة أيضًا مع أي حاسة أخرى. تخيل أنك تسترخي دائمًا في حمام ساخن بفقاعات برائحة اللافندر بعد نهاية يوم عمل؛ سوف ترتبط رائحة اللافندر بشعورك بالاسترخاء. هذا يعني أنه بمرور الوقت، عندما تشم رائحة اللافندر ولا تكون في الحمام ستظل تشعر بالاسترخاء.

في دراسة د. دالتون عن تحفيز الروائح للذاكرة، جعلت أشخاص يدرسون وجوه الغرباء في وجود روائح مختلفة، وكان أفضل أداء للتعرف على وجوه الغرباء عندما اختبروه بنفس الرائحة التي كانت موجودة أثناء رؤية تلك الوجوه لأول مرة. 

خلال وباء كوفيد-19، من الطبيعي أن نتساءل عما إذا كان اضطراب حاسة الشم لدى بعض المتعافين والمصابين قد يؤدي إلى مشاكل في الذاكرة.  يرتبط تدهور حاسة الشم أو فقدانها بالضعف الذهني؛ بدليل تأثر المراكز المشاركة في حاسة الشم في حالة الأمراض التنكسية العصبية. هذا يعني أن فقدان حاسة الشم يتبعه فقدان جميع الذكريات الارتباطية بالشم ولا يمكن استرجاعها بتجربة نفس الرائحة. 

المصدر

تعليقات