ما الحقيقة وراء ظهور داء الفطر الأسود وعلاقته بفيروس كورونا؟
ظهرت في الأيام الأخيرة أنباء وشائعات عن ظهور مرض الفطر الأسود في الهند أصاب مئات من الناس وقتل منهم البعض، مما جذب انتباه العالم وخاصةً في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا (covid-19) وتزايد أعداد المصابين به في الهند في الآونة الأخيرة.
يُعد مرض الفطر الأسود أو فطر الغشاء المخاطي مرضًا نادرًا، ولكن ما أثار الفزع في الهند وحول العالم هو ارتفاع الإصابات الناتجة عنه وكذلك الوفيات، وخاصةً لدى الحالات الحادة من المرضى المصابين بفيروس كورونا
ولكن ما هي حقيقة الأمر؟ هل الفطر الأسود وباء جديد قادم أم هو مرض نادر فحسب؟ وما هي علاقته بفيروس كورونا؟ وكيف نستطيع تجنبه؟
في السطور القليلة القادمة نتعرف معًا عزيزي القارئ على أجوبة لكل الأسئلة التي قد تدور في ذهنك، حول الفطر الأسود و علاقته بفيروس كورونا وما هي حقيقة ظهوره في الهند؟
اكتشف المرض لأول مرة يوم السبت الموافق 5 ديسمبر في مدينة إيلورو (جنوب الهند)، إذ بدأ الناس يعانون فجأة تشنجات ثم توفى رجل يبلغ من العمر 45 عامًا يوم الأحد الموافق 6 ديسمبر، ومنذ ذلك الوقت بدأت شكاوى الناس من الدوخة والصرع في الازدياد.
ما هي حقيقة ظهور الفطر الأسود في الهند؟
منذ أيام أعلنت خمس ولايات في الهند أن الفطر الأسود أصبح وباءً، ومن المتوقع زيادة أعداد الإصابات في الولايات الأخرى؛ لذلك أصدر المجلس الهندي للأبحاث الطبية استشارات حول تشخيص المرض وعلاجه، ثم أبلغت ولاية ماهاراشترا (أول ولاية تضررت بشدة من موجة covid-19 الثانية في الهند) عن إصابة ما يزيد عن 1500 حالة، و90 حالة وفاة وهي تعد أعلى نسبة وفاة في الهند من فطر الغشاء المخاطي، كما بدأت المستشفيات في دلهي في الإبلاغ عن ارتفاع غير مسبوق في حالات الفطر الأسود (أي ما يصل إلى 15- 20 حالة يوميًا) في بعض المستشفيات، ويُعد ذلك المعدل أعلى من المعدلات السابقة من إصابة حالة أو حالتين شهريًا، ولكن الآن توجد قوائم انتظار لعلاج المرضى في دلهي وبنغالور.
قيل إن هناك عدة أسباب لظهور داء فطر الغشاء المخاطي أو الفطر الأسود لدى مرضى كورونا في الهند، هذه الأسباب هي:
- الإفراط في استخدام المنشطات والستيرويدات وهي علاج منقذ لمرضى covid-19 الذين يعانون أمراض حادة أو خطيرة وخاصةً في الرئتين؛ تتسبب هذه الأدوية في تثبيط عمل الجهاز المناعي (الذي يحمي الجسم من العدوى الفطرية).
- ارتفاع معدل الإصابة بداء السكري في الهند إذ يوجد في الهند ثاني أعلى معدل لمرضى السكري في العالم؛ إذ يتسبب في ضعف المناعة وبالتالي الإصابة بالعدوى.
- تعرض مجاري الهواء لدى مرضى كوفيد-19 للرطوبة بسبب استخدامهم لأجهزة التنفس الصناعي في وحدات العناية المركزة.
الحقيقة هي أنه استبعد مسؤولو الصحة في الهند أن يكون السبب في ظهور داء الفطريات هو فيروس كورونا الجديد، أو أحد الفيروسات الأخرى الشائعة، لكنهم يشتبهون في أن المياه الملوثة أو التعرض للمبيدات الحشرية هي السبب في ظهور أعراض المرض مثل: القيء والتشنجات وآلام الظهر.
إذ يُشير الخبراء إلى أن المركبات الكيميائية الموجودة في مبيدات الآفات الحشرية قد تسبب أعراضًا مشابهة لهذه العدوى عند التعرض لها بالاستنشاق أو ملامسة الجلد.
ما العلاقة بين فطر الغشاء المخاطي (الفطر الأسود) وفيروس كورونا؟
يعتقد الأطباء أن فطر الغشاء المخاطي (يبلغ عدد الوفيات به 50% من المرضى المصابين) قد يكون ناتجًا عن استخدام المنشطات وهي علاج لبعض حالات مرض كوفيد-19 وأيضًا الستيرويدات إذ تقلل الستيرويدات من الالتهابات في الرئتين لمرضى covid-19 لكنها تضعف مناعة الجسم أيضًا وترفع مستويات السكر في الدم وخصوصًا لدى مرضى السكري المصابين بفيروس كورونا، مما يؤدي إلى حدوث حالات عدوى فطر الغشاء المخاطي.
كما لوحظ أن العديد من مرضى السكري المتعافين من covd-19 كان لا بد من استئصال عين مجموعة منهم جراحيًا.
ما هو داء الفطريات؟
يُعد فطر الغشاء المخاطي الذي يُعرف أيضًا باسم (الفطريات السوداء) عدوى نادرة ولكنها خطرة، غالبًا تؤثر على الجيوب الأنفية والرئتين والدماغ والجلد، أُطلق عليه (الفطر الأسود) لأنه يتسبب في اسوداد أو تغيُّر لون الأنف.
ينتج داء الفطريات عن التعرض لعفن المخاط الذي يوجد عادةً في التربة، والنباتات والسماد الطبيعي والفواكه والخضروات المتحللة؛ عادةً يستنشقها الإنسان من الهواء فيدخل العفن إلى الجسم فيظهر حول الأنف ومحجر العين؛ مما قد يتسبب في اسوداد الأنف وإذا لم يتوقف سينتقل مع مجرى الدم إلى الدماغ ثم يُصبح قاتلًا.
يعمل الجهاز المناعي في الجسم على مقاومته، ولكن قد ينتشر بسرعة في الأشخاص الذين يعانون ضعف المناعة؛ لذلك قد يُهدد حياة المصابين بالسكري أو covid-19، أو أمراض نقص المناعة مثل: السرطان أو مرض نقص المناعة البشرية (الإيدز).
ما هي الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بداء الفطريات؟
يمكن أن تحدث العدوى لأي شخص في أي عمر ويتعامل معظم الناس مع الفطريات في مرحلة ما من مراحل حياتهم اليومية، لكن في الراجح تحدث الإصابة إذا كان الجهاز المناعي ضعيف بسبب بعض الأدوية، أو بعض الحالات الصحية مثل:
- داء السكري.
- السرطان.
- فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز).
- زراعة الأعضاء.
- زرع الخلايا الجذعية.
- قلة العدلات (انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء).
- استخدام الستيرويدات على المدى الطويل.
- تعاطي المخدرات بالحقن.
- داء ترسب الأصبغة الدموية (مستويات عالية من الحديد في جسمك).
- سوء التغذية.
- الولادة المبكرة أو نقص الوزن عند الولادة.
أعراض داء الفطريات
تعتمد شدة الأعراض على مدى نمو الفطريات في جسمك، وهذه الأعراض هي:
- السعال.
- آلام في الصدر.
- ضيق في التنفس.
- آلام البطن.
- تورم في جانب واحد من الوجه.
- الصداع.
- احتقان الجيوب الأنفية.
- الغثيان والقيء.
- حدوث نزيف الجهاز الهضمي.
- وجود دم في البراز.
- حدوث الإسهال.
- عند إصابة الجلد قد تبدو منطقة الجلد المصابة متقرحة أو حمراء أو منتفخة، أو قد تتحول إلى اللون الأسود.
قد تنتشر العدوى إلى أجزاء أخرى من جسمك عبر الأوعية الدموية وهذا ما يُسمى (داء الغشاء المخاطي المنتشر)، وعندما يحدث ذلك قد يؤثر الفطر على بعض أجهزة الجسم مثل: الطحال والقلب، وفي الحالات الشديدة قد تحدث بعض التغيُّرات في حالتك العقلية أو قد تتطور إلى غيبوبة، لذلك قد يكون قاتلًا ولكنه غير معدي.
ما هو علاج داء الفطريات؟
يجب أن تبدأ في العلاج في أسرع وقت ممكن عند ثبوت إصابتك بداء الفطريات، وذلك باستخدام الأدوية المضادة للفطريات (التي تصرف بوصفة طبية)إذ تعمل هذه الأدوية على إيقاف نمو الفطريات والقضاء عليها والسيطرة على العدوى، وهذه الأدوية مثل:
- أمفوتريسين ب (Amphotericin B).
- إيزافوكونازول (Isavuconazole).
- بوساكونازول (Posaconazole).
تؤخذ هذه الأدوية (بوصفة طبية) في الوريد ويمكن تناولها كأقراص للبلع، وقد يبدأ الطبيب بإعطائك جرعات عالية بالوريد حتى يسيطر على العدوى التي قد تستغرق عدة أسابيع، ثم بعد ذلك تنتقل خطة العلاج إلى الأقراص.
ملحوظة: أخبر طبيبك إذا كان الدواء له آثار جانبية مزعجة مثل: آلام المعدة أو مشكلات في التنفس، حتى يبدأ طبيبك في تغيير خطة العلاج الخاصة بك.
في الحالات الشديدة قد يوصي طبيبك بإجراء عملية جراحية لإزالة الأنسجة المصابة، أو الميتة وذلك لمنع الفطريات من الانتشار وقد يشمل ذلك إزالة أجزاء من أنفك أو عينيك، لذلك من الضروري علاج هذه العدوى التي تهدد الحياة حتى لا يحدث تشوه.
مضاعفات فطر الغشاء المخاطي
تشتمل مضاعفات فطر الغشاء المخاطي على ما يلي:
- حدوث العمى.
- حدوث جلطات دموية أو انسداد الأوعية الدموية.
قد يكون داء الفطريات مميتًا دون علاج نظرًا لندرة الإصابة به، لذلك فإن معدل الوفيات به غير دقيق إذ يعتمد احتمال الوفاة على الجزء المصاب به في الجسم، فمثلًا تختلف الحالة من شخص يعاني التهابات الجيوب الأنفية وشخص آخر يعاني التهابات الرئة أو الدماغ.
كيف تتجنب الإصابة بفطر الغشاء المخاطي؟
يمكن تقليل الإصابة به بعدة طرق:
- ابتعد عن المناطق التي يوجد ها الكثير من الغبار أو التراب مثل مواقع البناء أو الحفريات، وإذا وجب عليك التواجد بها احرص على ارتداء قناع الوجه.
- تجنب المياه الملوثة خاصةً بعد الكوارث الطبيعية مثل: الأعاصير أو الفيضانات.
- تجنب الأنشطة التي تنطوي على الغبار والتربة مثل: العمل في البستان، أو العمل في الفناء لذلك عند الضرورة يمكن حماية بشرتك بالأحذية والقفازات، والسراويل الطويلة والأكمام الطويلة، وغسل الجروح والخدوش بالماء والصابون.
- يجب التأكد من أن مرضى فيروس كورونا يتلقون الجرعة المناسبة من المنشطات سواء في العلاج أو بعد الشفاء.
ختامًا عزيزي القارئ داء فطر الغشاء المخاطي هو مرض نادر غير معدي، ولكنه قد يكون قاتلًا أو يسبب التشوه في بعض الأحيان، لذلك يجب الوقاية منه خاصةً في ظل انتشار فيروس كورونا بالابتعاد عن الأتربة والغبار، وغسل اليدين والجروح جيدًا بالماء.
اقرأ أيضًا:
- السلالة البرازيلية من فيروس كورونا تنذر بمعدلات إصابة قياسية حول العالم
- كل ما يجب أن تعرفه حول فيروس كورونا | كوفيد 19
المراجع: webmd.com |.theguardian.com
تعليقات