fbpx

ما تقنية كريسبر؟ وهل تصبح العلاج الفعال لأمراض الدم الوراثية؟

ساعد ظهور تقنية التعديل الجيني إلى قلب العديد من مجالات العلم رأسًا على عقب من إنتاج طعام خالٍ من آثار المبيدات الحشرية إلى محاولة وضع حد للأمراض الوراثية. 

بالاستعانة بتقنية جديدة تسمى اختصارًا كريسبر CRISPR، يحاول العلماء إصلاح الخلل الجيني المسبب للكثير من الأمراض الوراثية ومنها أمراض الدم الوراثية. كشفت دراسة نشرت مؤخرًا في مجلة نيو إنجلاند الطبية NEJM أن تقنية كريسبر يمكنها أن تطور علاجات جديدة لأمراض الدم مثل مرض فقر الدم المنجلي أو الأنيميا المنجلية

يمتلك المرضى المصابون بمرض الخلايا المنجلية طفرة في جين الهيموجلوبين– وهو بروتين غني بالحديد في خلايا الدم الحمراء الناقلة للأكسجين بالدم. تسبب هذه الطفرة تكوين خلايا دم حمراء على شكل منجل أو حرف C؛ ما يجعلها غير قادرة على حمل الأكسجين بصورة طبيعية إلى باقي أجزاء الجسم.

هذا بالإضافة إلى كونها صلبة ولزجة تجعلها عرضة لسد تدفق الدم؛ مما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى. 

يقول دكتور أليكسيس أ.طومسون، الحاصل على الدكتوراه في أمراض الدم، والرئيس السابق لجمعية أمراض الدم الأمريكية:\” مرض الخلايا المنجلية هو اضطراب دم وراثي يصيب الكثير من الأشخاص عالميًا، إذ يصيب حوالي 100 ألف أمريكي سنويًا\”. لا يعاني الأطفال المواليد حديثًا عند حملهم الأنيميا المنجلية، ولكن سرعان ما تبدأ المشكلات من سن 6- 12 شهرًا. 

ينتقل مرض الأنيميا المنجلية إلى الطفل عندما يكون كلا الوالدين حاملًا لجين المرض (جين واحد من الأب وجين آخر من الأم  للطفرة الجينية المنجلية)؛ لذا ينبغي القيام بالاختبارات الجينية لفحص ما قبل الزواج لتجنب حدوث هذا المرض.  

يعاني الأطفال المصابون بمرض الخلايا المنجلية من ألم أو حمى شديدة أو عدوى تتسبب عادة في دخولهم المستشفى وتلقي أدوية قوية تجعلهم عرضة لفقدان أيام دراسية كثيرة؛ بينما في البالغين قد يواجهون تحديات كبيرة في إنهاء فترة الجامعة أو الحفاظ على وظائفهم.

تابعت الدراسة مريضًا بمرض الانيميا المنجلية ومريض آخر بمرض الثلاسيميا بيتا، وهو اضطراب دم وراثي آخر يقلل من إنتاج الهيموجلوبين. 

احتاج المريضان خلايا دم جذعية، ولكن الدراسة فضلت استخدام خلاياهم بدلًا عن أخذ خلايا من  أشقائهم. استخدم الباحثون تقنية كريسبر للحصول على الخلايا الجذعية من المريض، إذ يعمل كمقص جزيئي، وجزيء الحمض النووي CAS9 لتحديد موقع جين الطفرة ويدعى BCL11A. يعمل هذا الجين كمفتاح تشغيل لجين إنتاج الهيموجلوبين الجنيني fetal hemoglobin لاستبدال الهيموجلوبين المعيوب أو الناقص. 

اقرأ أيضًا : تقنية حديثة باستخدام العلاج الجيني قد تعيد الإبصار بعد السكتة الدماغية!

بعد مرور ٦ أشهر إلى ١٢ شهرًا من هذا الإجراء، قاس الباحثون عدد كريات الدم الحمراء الموجودة في تحليل النخاع العظمي. بلغ عمر المريضة الأولى 19 عامًا وكان تشخيصها بمرض ثلاسيميا بيتا، وشهد مستوى الهيموجلوبين لديها مستقرًا بعد أربعة أشهر من إجراء عملية زراعة نخاع العظام لها باستخدام تقنية الخلايا الجذعية المعدلة جينيًا. هذا بالرغم من معاناتها في بداية العلاج من بعض الآثار الجانبية ( الالتهاب الرئوي وأمراض الكبد) ولكنها اختفت بعد بعض أسابيع.

المريض الثاني كانت امرأة مصابة بمرض الأنيميا المنجلية و تبلغ من العمر 33 عامًا. بعد خمسة عشر شهرًا بعد إجراء التعديل الجيني، ارتفعت مستويات الهيموجلوبين الجنيني لديها من 9.1% إلى 43.2%؛ بينما انخفضت مستويات الهيموجلوبين المتحور بسبب مرض الخلايا المنجلية من 74.1% إلى 52.3%، رغم معاناتها من بعض الآثار الجانبية الشديدة ( تعفن الدم وحصوات المرارة وألم البطن) ولكن تم علاجها. 

من المزايا الرئيسية لتقنية كريسبر مقارنة بالعلاجات التقليدية لاضطرابات الدم، هي استخدام خلايا المريض ذاته دون الحاجة إلى متبرع. يشرح دكتور داميانو رونديلي، أستاذ أمراض الدم في كلية الطب بشيكاغو جامعة إلينوي:” يمكن التلاعب بخلايا المريض ذاته وعلاجه بها عن طريق زراعتها دون الخوف من خطر الرفض أو حدوث استجابات مناعية مضادة.

يعتمد العلاج الحالي المعتمد من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لمرض الأنيميا المنجلية على زرع نخاع العظم. ولكن هذا يتطلب أن يكون للمريض شقيق تتطابق أنسجته تمامًا مع أنسجته. التحدي الأكبر كما يقول دكتور طومسون هو أن واحدًا من كل أربعة أشقاء ليس متماثلين الأنسجة. ومع نجاح إجراء عملية زراعة نخاع العظام، تحدث بعض الآثار الجانبية الخطيرة لهذا الإجراء. 

المصدر

تعليقات