ما جدوى مشاهدة الأطفال والمراهقين أعمال درامية عن الصحة النفسية ؟
نشر مركز الباحثين ورواة القصص بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس تقريرًا يُثمن دور الأعمال الدرامية في تعزيز الصحة النفسية لدى الأطفال والمراهقين ومساعدتهم على التعامل مع التنمر والاعتداء الجنسي والأفكار الانتحارية وتعاطي المخدرات و الاكتئاب . لذلك نحن في حاجة ملحة إلى هذا الدور خاصة عندما تُصور هذه المشكلات بأسلوب متعاطف مع توفير المصادر المناسبة.
أظهرت الأبحاث الحديثة أن الأطفال والمراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 17 عامًا هم أكثر الفئات العمرية عرضة للإبلاغ عن القلق والاكتئاب المعتدل إلى شديد الحدة ، حسبما قالت د.يلدا أولس ، المؤسس والمدير التنفيذي للمركز والأستاذ المساعد في علم النفس.
وأشارت إلى أنه حتى قبل وباء كورونا، كانت معدلات انتحار المراهقين في ارتفاع ، إلى جانب أعراض القلق والاكتئاب المبلغ عنها. في الوقت نفسه، يقول ما يقرب من نصف الشباب إنه مازال لديهم وصمة عار مرتبطة بتلقي العلاج النفسي .
أجرى المركز عدة دراسات على مسلسل منصة نيتفلكس المثير للجدل “13 Reasons Why” ، وهو مسلسل درامي موجه للمراهقين بُث لأول مرة في عام 2017 وحظي بإشادة وإدانة في جميع أنحاء العالم لتصويره مشاهد الانتحار والاعتداء الجنسي والعنف المنزلي والبلطجة والتشرد وظاهرة إطلاق النار في المدارس . أرادت د.أولس وفريقها معرفة كيفية تأثير الأعمال الدرامية على الصحة النفسية للمراهقين الذين شاهدوه.
في دراسة شملت 157 طفلاً ومراهقًا تتراوح أعمارهم بين 13 و 17 عامًا من جميع أنحاء البلاد ، حيث شاهد 68 منهم الموسم الثالث من المسلسل، بينما لم يشاهده الآخرون. أتم جميع المشاركين استطلاعًا في بداية الدراسة حول الصحة النفسية والاكتئاب والتنمر والاعتداء الجنسي والموضوعات ذات الصلة، واستطلاع آخر في نهايتها وكان من ضمن الأسئلة، ما إذا كانوا قد سعوا للحصول على معلومات حول هذه الظواهر.
أجابت المجموعة التي شاهدت العرض أيضًا على أسئلة حول ما إذا كانوا ناقشوا أحداث المسلسل ومع من ناقشوا وما إذا كان ما رأوه قادهم إلى البحث عن مزيد من المعلومات حول الموضوعات المطروحة.
أفاد جميع المراهقين تقريبًا 62 من أصل 68 شاهدوا العمل الدرامي، أ نهم بحثوا عن معلومات حول مواضيع الصحة النفسية المتعلقة بما شاهدوه . أفاد الغالبية العظمى منهم أيضًا بمناقشة القضايا التي أثارها المسلسل مع الآخرين، خاصة ظاهرتي الانتحار والتنمر.
قالت د.أولس : ” تبين لنا أنه عندما يشاهد المراهقون الأعمال التلفزيونية التي تصور مشكلات الصحة النفسية، فإنهم يتحدثون عنها بالفعل مع أصدقائهم وزملائهم وأولياء أمورهم. تُظهر نتائجنا أن هذه الأنواع من الأحداث الواقعية والصادمة تحث الشباب على الحديث عن مواضيع الصحة النفسية ومعرفة المزيد عنها.”
كان متوسط عمر المشاركين 15 عامًا؛ 52٪ إناث و 48٪ ذكور. كان حوالي 55 ٪ من البيض ، و 19 ٪ من أصل لاتيني، و 17 ٪ من السود وأكثر بقليل من 6 ٪ عُرّفوا على أنهم متعددو الأعراق.
اقرأ أيضًا : خيار فعال وموفر لعلاج اضطراب القلق الاجتماعي لدى الأطفال والمراهقين
من بين نتائج الدراسة أن المشاركات على منصات التواصل الاجتماعي تزايدت بوجه خاص عندما قدم ممثلو المسلسل مصادر عن الصحة النفسية ، ظهر هذا عندما قام الممثل ديفن درود ، الذي يلعب دور أحد الشخصيات الرئيسية، بنشر مواد ومشاركة مقال ناقش فيه الاعتداء الجنسي. استخدم المشاهدون أيضًا منشورات المشاهد المشحونة عاطفياً وخبايا ما وراء الكواليس على وسائل التواصل الاجتماعي للتحاور حول هذه الموضوعات الصعبة.
بالإضافة إلى ذلك ، أنشأ منتجو المسلسل موقعًا على شبكة الإنترنت يعرض مقاطع فيديو للممثلين وأرقام خطوط المساعدة في الأزمات وروابط لمصادر لمساعدة المشاهدين على تصفح الموضوعات التي أثيرت في حلقات مختلفة.
يوصي تقرير الدراسة، مثل ما أُنتج عمل مثل “13 Reasons Why” بأن تستعين الاستديوهات بمصادر موثوقة وجذابة بمعلومات دقيقة تثري الأعمال التلفزيونية والأفلام المخصصة للأطفال والمراهقين والتي تعالج موضوعات الصحة النفسية والقضايا ذات الصلة.
قالت د.أولس إنها تأمل أن يلهم البحث الجديد للمركز منتجي السينما والتليفزيون لإنتاج أعمال درامية هادفة من شأنها تحسين حياة المشاهدين، واختتمت ” يمكننا معًا تطبيع الحديث عن الصحة النفسية من خلال الجمع بين المتخصصين وصانعي المحتوى لإطلاق العنان بقوة لسرد القصص الهادفة ”
تعليقات