fbpx

مرض الكابتونيوريا (داء البول الأسود) | الأسباب والعلاج

   يُعد تغير لون البول من أهم العلامات التحذيرية التي يرسلها الجسم كإنذار، ولطالما ساعد على تشخيص العديد من الأمراض، فيتراوح لون بول الشخص العادي من اللون الأصفر إلى الذهبي، فدائمًا ما تتعدد الدلالات المرضية للون البول، فماذا إن تغير لونه إلى الأسود؟ 

   قد تكون تلك أولى العلامات التي تظهر على المصاب وتدل على مرض الكابتونيوريا، أو البيلة الكابتونية، أو ما يعرف بداء البول الأسود الذي يُعد مرضًا نادرًا قد يصعب على البعض اكتشافه ولا يدرك الكثيرون كيفية التعامل معه؛ لذا كن معنا في المقال التالي كي نناقش الآتي عن مرض الكابتونيوريا:

محتويات المقال:

  1. ما مرض البول الأسود أو الكابتونيوريا؟
  2. ما أسباب مرض الكابتونيوريا؟
  3. كيف يمكن تشخيص مرض الكابتونيوريا؟
  4. ما أعراض مرض الكابتونيوريا لدى البالغين؟
  5. ما الفحوصات التي يحتاجها الطبيب أثناء التشخيص؟
  6. كيف يمكن علاج مرض الكابتونيوريا؟
  • ما مرض الكابتونيوريا أو داء البول الأسود؟
البول الأسود

   هو مرض وراثي نادر يصيب الجسم ويجعله عاجزًا عن تكسير حمضين أساسيين من الأحماض الأمينية، هما: حمضي التيروسين، والفينيل ألانين، ويترتب على ذلك ترسب مادة كيميائية قاتمة اللون تُدعى حمض الهوموغنسيك داخل الجسم وأنسجته، والتي تسهم في تغيير البول إلى اللون الأسود، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يؤدي إلى تغير لون بعض أجزاء الجسم أيضًا إلى الأغمق؛ مسببًا العديد من المشكلات الصحية بمرور الوقت.

   ففي الأشخاص الأصحاء عادةً ما تمر الأحماض الأمينية داخل الجسم بسلسلة من التفاعلات الكيميائية، بينما يختلف الأمر تمامًا في مصابي الكابتونيوريا فتنتهي دائمًا تلك التفاعلات بإنتاج حمض الهوموغينسك الذي لا يستطيع الجسم التخلص منه أو تكسيره، ومن هنا يبدأ في التراكم داخل جسم الشخص المصاب.

   وبسبب الخلل الجيني الذي يحمله المريض لا يعمل الإنزيم المسؤول عن تكسير ذلك الحمض بصورة طبيعية على عكس المعتاد، فتظهر على المصاب أولى علامات المرض مبكرا وهو طفل رضيع، ويمكن ملاحظتها في ظهور بقع سوداء تراها الأم في حفاظات الرضيع؛ وذلك نتيجة لتراكم حمض الهوموغنسيك كما ذكرنا من قبل الذي يغير لون البول إلى الأسود بمجرد تعرضه للهواء لبضع ساعات.

   وإن أُغفلت تلك العلامة الأولية ولم يلاحظها أحد على الرضيع حينها قد لا يُشخص ذلك الاضطراب حتى سن البلوغ ولا يلتفت إليه أحد، لأن غالبًا لا تظهر على المصاب أي علامات أخرى عادا تغير لون البول، حتى يصل إلى أواخر العشرينات أو أوائل الثلاثينات من عمره.

  • ما أسباب مرض الكابتونيوريا؟
تغير لون البول

   يحدث مرض البول الأسود نتيجة لحدوث طفرة في جين يُدعى HGD، وحتى تحدث الإصابة بالمرض يجب أن يحمل كلا الوالدين ذلك الجين حتى ينتقل ذلك الاضطراب لأبنائهم؛ لذا يُعد الكابتونيوريا مرضًا نادرًا، وتبعًا لتقارير المعهد القومي للصحة في الولايات المتحدة الأمريكية تُصيب تلك الحالة نحو فرد واحد فقط من كل ٢٥٠ ألف إلى مليون شخص في جميع أنحاء العالم، بينما تكون أكثر شيوعًا في بعض الدول، مثل: سلوفاكيا، وجمهورية الدومينيكان فتُصيب فرد واحد من كل 19 ألف شخص.

  • كيف يمكن تشخيص مرض الكابتونيوريا ؟

    قد يبدأ الطبيب بالشك في إصابة المريض بالكابتونيوريا عندما تظهر أولى علامات الإصابة؛ وهي تحول لون البول من البني الداكن إلى الأسود عندما يتعرض للهواء، فحينها يبدأ الطبيب استكمال الفحوصات بحثًا عن علامات التهاب العظام والمفاصل التي قد تظهر مبكرًا على المصاب.

   بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يستخدم الطبيب اختبار يعمل على اكتشاف آثار حمض الهوموغنيسيك في البول، كذلك قد يوصي بعمل اختبار الحمض النووي؛ للتحقق من وجود جين (HGD) المتحور.

   أضف إلى ذلك التاريخ العائلي للمريض الذي يُعد من أهم الخطوات نحو تشخيص المرض، لكن على الرغم من ذلك مازال الكثير لا يعلمون أنهم يحملون ذلك الجين المتحور.

  • ما أعراض مرض الكابتونيوريا لدى البالغين؟

    على مدى سنوات عديدة يتراكم فيها حمض الهوموغنسيك داخل الجسم، وينتشر ويصل لينال من معظم أنسجة الجسم، ومن أشهر الأماكن التي يتراكم بها ذلك الحمض: الغضروف، والأوتار، والعظام، والأذن، والقلب،.. وغيرهم مؤديا إلى العديد من المشكلات الصحية التي سنستعرضها معًا تبعًا لمكان الإصابة:

1- المفاصل والعظام:

مرض الكابتونيوريا

   تبدأ مشكلات المفاصل والعظام في الظهور بمجرد وصول المصاب إلى سن العشرينات أو الثلاثينات، وتتمثل في ظهور الأعراض المبكرة لالتهاب العظام فيشكو المريض أولًا من آلام أسفل الظهر وتصلبه، ثم تظهر آلام الركبة، والورك، والكتف.

    وفي النهاية تتأثر طبيعة الغضاريف لتصبح هشة وصلبة؛ مما يؤدي إلى ظهور أضرار كبيرة وتلف بالعمود الفقري والمفاصل، ومن ثم تتدهور حالة المصاب، وقد يحتاج في تلك المرحلة إلى اللجوء لجراحة استبدال المفاصل.

2- الأذن والعين:

   تتأثر الأذن بمرض البول الأسود فيتغير سُمّك غضاريف الأذن ويتبدل لونها ليكون أسود مزّرق، كما يتغير لون شمع الأذن أيضًا إلى اللون الأسود أو الأحمر البني، وذلك يعرف بمرض التَمَغُّر، الذي يُعد من أكثر أعراض مرض الكابتونيوريا وضوحًا لدى البالغين، وبالنظر إلى العين قد تُلاحظ على كثير من المصابين ظهور بقع بنية أو رمادية اللون في منطقة بياض العين أيضا.

3- البشرة والأظافر:

مرض الكابتونيوريا

   يتسبب مرض الكابتونيوريا أوالبيلة الكابتونية في تغيير لون العرق؛ مما قد يؤدي إلى تلطخ ملابس المصاب، كما تظهر بعض المناطق في الجلد باللون الأسود أو الأزرق، ويكون ذلك التغير أكثر وضوحًا في أجزاء البشرة المعرضة للشمس والقريبة من أماكن الغدد العرقية، مثل: الخدين، والإبط، والجبين، ومناطق الأعضاء التناسلية، وكذلك قد يتبدل لون الأظافر إلى اللون الأزرق في بعض الحالات.

4- صعوبة التنفس: 

   يرجع ذلك إلى تصلب العظام والعضلات المحيطة بالرئتين؛ مما يعيق توسيع القفص الصدري أثناء عملية التنفس مسببًا ضيق التنفس للمصاب. 

5- مشاكل القلب، والكلى، والبروستاتا:

مرض الكابتوريا   يؤثر حمض الهوموغينسيك المترسب على صمامات القلب في تغير لون الصمامات إلى الأسود وتبدل طبيعتها لتصبح هشة وصلبة مما ينعكس ذلك بالسلب ويمنعها من الانغلاق بطريقة صحيحة، ومن ثم تضعف الأوعية الدموية لتصبح أكثر صلابة وتفقد مرونتها مسببًا العديد من أمراض القلب، منها: اضطرابات الصمام الأبهري الميترالي، وفي بعض الحالات الشديدة قد يصبح اللجوء إلى جراحة استبدال صمامات القلب أمرًا ضروريًا، كما يسفر ترسب ذلك الحمض أيضًا عن تكون حصوات في كلٍ من: الكلى، والمرارة، والبروستاتا.

  •  ما الفحوصات التي يحتاجها الطبيب أثناء التشخيص؟

   يساعد الفحص المنتظم والمتابعة مع الطبيب على تأخر ظهور بعض المضاعفات الناتجة عن مرض الكابتونيوريا؛ فيستطيع طبيبك مراقبة تطور حالتك الصحية عن كثب من خلال الفحوصات التالية:

 التصوير الإشعاعي بالأشعة السينية على العمود الفقري: لمتابعة وتفقد تطور مشكلات العمود الفقري، مثل: داء القرص التنكسي، أو حدوث تكلس في الفقرات القطنية.

الأشعة المقطعية: للكشف عن أي من أعراض مرض شرايين القلب التاجية.

التصوير الإشعاعي بالأشعة السينية على الصدر: لرصد أي تغييرات قد تطرأ على صمامات القلب الأبهري والمترالي.

  • كيف يمكن علاج مرض الكابتونيوريا؟
مرض الكابتونيوريا

   حتى الآن لا يوجد علاج محدد لذلك الاضطراب، لكن دائمًا ما ترتكز خطة العلاج على تخفيف حدة الأعراض ومنع المضاعفات التي قد تحدث، مثل: التهاب المفاصل، وأمراض القلب، وحصوات الكلى، فعلى سبيل المثال: قد يصف الطبيب الأدوية المضادة للالتهاب في علاج آلام المفاصل. 

    وبالرغم من أنه مازال كثير من الأدوية قيد التجربة التي لم تثبت فعاليتها حتى الآن في علاج تلك الحالة فقد ظهر دواء يسمى نيتيسينون(nitisinone) أثبت بعض النجاحات الواعدة في التعايش مع مرض الكابتونيوريا جنبًا إلى جنب مع المسكنات وبعض التغييرات في نمط الحياة، كالآتي:

1- دواء نيتيسينون(nitisinone):

   أُقر استخدامه من قِبل المعهد القومي للصحة في الولايات المتحدة الأمريكية لمرضى الكابتونيوريا استخدامًا غير مرخصًا، فهو دواءًا لازال قيد التجارب المعملية، ويعمل على الحد من نسبة حمض الهوموغينسيك في الجسم؛ مما قد يساهم في تقليل تراكمه على المدى الطويل.

2- النظام الغذائي:

   إذا شُخصت الحالة في مرحلة الطفولة فقد يساعد اتباع نظام غذائي قليل البروتين في الحد من تطور المرض؛ وذلك نتيجة لخفض مستويات التيروسين والفينيل ألانين في الجسم، كما قد يساهم النظام الغذائي قليل البروتين أيضًا في الحد من الآثار الجانبية المحتملة لدواء النيتيسينون التي قد تظهر خلال مرحلة البلوغ.

3- التمارين الرياضية:

   يعتقد البعض خطئًا أن ممارسة التمارين الرياضية قد تُسبب تدهور أعراض الكابتونيوريا، لكن في حقيقة الأمر تساعد ممارسة الرياضة بانتظام على بناء العضلات وتقوية المفاصل، فضلًا عن تخفيف الضغط، والتوتر، وإنقاص الوزن؛ ومن ثم ينعكس ذلك على تخفيف الأعراض لدى المريض.

    فقد أوصى الأطباء بتجنب التمارين الرياضية التي تضع عبئُا خلال ممارستها على المفاصل، مثل: الملاكمة، وكرة القدم، والرغبي بينما يُنصح بتجربة بعض التمارين الخفيفة، مثل: اليوغا، والسباحة، وتمارين البيلاتس.

   فقبل البدء في ممارسة التمارين الرياضية يُرجى اللجوء إلى طبيب العلاج الطبيعي الخاص بك كي يساعدك على عمل خطة مناسبة للتمارين التي يمكنك ممارستها في المنزل، حتى يتسنى لك تجنب بعض أنواع التمارين الرياضية التي قد تسبب ضررًا على المفاصل، كما ينصح بتجنب العمل والنشاط البدني الشاق الذي قد يؤدي في نهاية المطاف بالمريض إلى الاستعانة بأدوات مساعدة لغرض التنقل، مثل: استخدام كرسي متحرك للتجول.

4-الدعم النفسي:

   في البداية وعند التشخيص الأولي قد يشعر المريض ببعض من الارتباك الذي يقوده في بعض الأحيان إلى القلق والاكتئاب مثله مثل كثير من الذين يعانون الأمراض المزمنة الأخرى، فإذا كنت تشعر أنك تحتاج إلى دعم للتعامل مع المرض وتقبله؛ تحدث مع أحد المتخصصين عما تشعر به دون تردد.

5- إجراء جراحة:

   في المراحل المتقدمة لمرض الكابتونيوريا قد يلجأ الطبيب إلى اتخاذ قرار إجراء عملية جراحية في حالة تلف المفاصل وتضررها، أو في حالة تصلب صمامات القلب، أو أوعيته.

ختامًا.. في أغلب الأحيان يعيش المصاب بمرض الكابتونيوريا حياةً طبيعيةً على الرغم من المضاعفات التي يكون أكثر عرضة لها عن غيره في نفس الفئة العمرية بسبب ذلك المرض، لكن دائمًا ما يُعد الكشف المبكر والفهم الجيد عن المرض أولى الخطوات نحو حل المشاكلة، والتعامل معها.

قد يهمك أيضًا:

دم في البول ( البيلة الدموية)

حصوات الكلى | الأعراض والعلاج

المراجع:   healthline / nhs

 

Responses