مرض كرون
ما هو مرض كرون أو مرض كرونز كما يطلق عليه البعض؟ هو حالة مرضية مزمنة تصيب الشخص المريض بها مدى الحياة، وهي عبارة عن التهاب مزمن في جزء من الأمعاء. ويعتبر مرض كرون أحد أشكال متلازمة التهاب الأمعاء الشهيرة.
أسباب مرض كرونز
السبب الرئيسي لحدوث هذا المرض غير معروف. إلا أن الأطباء وجدوا مجموعة من العوامل التي تجعل حدوثه ممكنًا، ومن أهمها:
- العامل الوراثي – تزيد احتمالية إصابتك بمرض كرون في حالة كان أحد المقربين لك مصابًا به
- مشكلة في جهاز المناعة تجعله يهاجم الجهاز الهضمي وهو ما يجعل هذا المرض أحد أمراض المناعة الذاتية
- التدخين
- اختلال توازن البكتيريا النافعة في الجهاز الهضمي
- الإصابة بعدوى سابقة في المعدة
أعراض مرض كرون
يحتاج هذا المرض إلى الانتظام على العلاج قدر الإمكان، فبدونه تصبح اعراض داء كرون مزمنة ومستمرة أو مترددة تظهر وتختفي على مدار عدة أسابيع أو أشهر. الفترات التي تظهر فيها هذه الأعراض تُعرف باسم فترة الانتكاس، أما الفترات التي تختفي فيها هي فترات التعافي والراحة.
أشهر أعراض داء كرون
الأعراض الأساسية أو الرئيسية هي:
- إسهال – وقد يظهر فجأة بدون مقدمات
- آلام وتقلصات البطن – والتي عادةً ما تشعر بها في الجزء الأيمن من النصف السفلي لبطنك
- ظهور دم في البراز
- الإرهاق والتعب الشديد
- فقدان الوزن
ليس بالضرورة أن تظهر عليك جميع هذه الأعراض في وقت واحد.
أعراض أخرى
يصاب بعض الأشخاص بأعراض أقل شيوعًا مثل:
- الحمى وارتفاع درجة حرارة الجسم
- الشعور بالتوعك والمرض
- آلام المفاصل
- احمرار العينين
- ظهور بقع حمراء، ومؤلمة، ومتورمة على الساقين في الغالب
- قرح الفم
- كما أن الأطفال المصابين بمرض كرونز يكون نموهم أبطأ من الأطفال الأصحاء
متى يتوجب عليك زيارة الطبيب
إذا استمرت هذه الأعراض:
- دم مع البراز
- إسهال يستمر لأكثر من 7 أيام
- آلام وتشنجات البطن المستمرة
- فقدان الوزن بدون سبب واضح
- إذا لاحظت أن طفلك ينمو أبطأ من المعتاد
سيفحصك الطبيب ويحاول إيجاد مسبب هذه الأعراض، وفي الغالب سيطلب منك إجراء بعض التحاليل والفحوصات.
كيفية تشخيص مرض كرونز
أحيانًا ما يكون من الصعب تشخيص داء كرون بسبب تشابه أعراضه مع العديد من الأمراض الأخرى، ولذا فإن التشخيص يكون عن طريق فحصك ودراسة أعراضك ومعرفة سببها وإجراء تحليل مرض كرون وأية تحاليل أخرى تحتاجها.
يبدأ التشخيص بسؤال الطبيب عن:
- أعراضك
- نظامك الغذائي
- أي سفر أو رحلة قمت بها مؤخرًا لاستبعاد احتمالية إصابتك بعدوى
- أية أدوية أو عقاقير تتناولها
- تاريخ العائلة الطبي مع داء كرونز
كما سيقوم الطبيب بـ:
- فحص بطنك
- سحب عينة من دمك
- وسيطلب منك عينة براز للفحص
بعد كل هذه الإجراءات المبدئية سيقوم الطبيب العام بإحالتك إلى مختص بأمراض الجهاز الهضمي إذا شك بإصابتك بمرض كرون. وسيقوم الطبيب المختص بإجراء تحليل مرض كرون والعديد من الفحوصات لتأكيد هذا التشخيص. أهم هذه الفحوصات:
- منظار القولون – ويتم عن طريق إدخال أنبوب صغير ومرن مزود بكاميرا في نهايته عن طريق فتحة الشرج لفحص الأمعاء الملتهبة
- أخذ خزعة – يأخذ الطبيب عينةً من أنسجة أمعائك أثناء عملية منظار القولون للفحص
- التصوير بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية – سيطلب منك الطبيب تناول مشروب خاص قبل هذا الفحص ليساعد على أخذ صورة واضحة لأمعائك
في حالة تأكيد إصابتك بمرض كرون ستكون الخطوة الأولى التي سيقوم بها الطبيب هي تعريفك بالمرض والعلاج المتوافر له، وإخبارك أنها مشكلة مزمنة وكيفية التأقلم معها بحيث لا تشكل عائقًا لك في حياتك.
مرض كرون وعلاجه
لم يجد الأطباء حتى يومنا هذا علاجًا نهائيًا لمرض كرون، ولذا فإن العلاج المتاح حاليًا يتمحور حول تخفيف أعراضه والسيطرة عليها، يتم العلاج عادةً باستخدام الأدوية والعقاقير، إلا أن التدخل الجراحي يكون مطلوبًا في بعض الحالات.
السترويدات
يحتاج أغلب المصابين بمرض كرون إلى تناول أدوية السترويدات مثل البريدنيزولون من وقت لآخر. ومن أهم خصائصها:
- تسيطر على الأعراض عن طريق تخفيف التهاب الأمعاء ويمكنك أن تشعر بتأثيرها خلال عدة أيام أو أسابيع من بدء تناولها
- الهيئة الشائعة لها هي الأقراص لكن يمكنك أخذها عن طريق الحقن أيضًا
- قد تحتاج استخدام السترويدات لعدة أشهر لكن يجب عليك ألا تبدأ هذا العلاج أو تتوقف عنه فجأة دون الرجوع إلى الطبيب
- قد تسبب أعراضًا جانبية كاكتساب الوزن، وسوء الهضم، واضطرابات النوم، وزيادة خطر الإصابة بعدوى، وإبطاء نمو الأطفال
النظام الغذائي السائل
وهو تناول مشروبات خاصة غنية بالمغذيات الضرورية للجسم بدلًا من تناول الطعام المعتاد، وذلك لعدة أسابيع. يمكن استخدام هذا العلاج مع الأطفال وصغار السن والمراهقين، حيث أن النظام الغذائي السائل يخفف من حدة الأعراض.
من أهم مميزات هذا الخيار العلاجي هو أن بإمكانك تجنب الأعراض الجانبية الناتجة عن السترويدات مثل إبطاء النمو. إلا أن التغذية بالسوائل لها أعراضها الجانبية الخاصة مثل:
- الشعور بالإعياء والمرض
- الإسهال
- الإمساك
مثبطات المناعة
في بعض الأحيان تظهر الحاجة لتناول مثبطات المناعة لتقليل نشاط جهازك المناعي، ومن أشهر أنواع مثبطات المناعة المستخدمة: أزاثيوبرين، ميركابتوبيورين، ميزوتريكسات.
خصائص مثبطات المناعة:
- قادرة على تخفيف حدة الأعراض وتُستخدم في حالة عدم استجابة الجسم للسترويدات
- يمكن استخدامها كعلاج طويل الأمد وكذلك للوقاية من نوبات الانتكاس
- تُستخدم كأقراص بمعدل قرصٍ في اليوم الواحد، إلا أنه يمكن حقنها أيضًا
- قد تحتاج لاستخدامها لفترة تصل إلى عدة أشهر أو سنة
- لها عدد من الأعراض الجانبية أهمها الشعور بالمرض والإعياء، زيادة احتمالية الإصابة بعدوى، وحدوث مشاكل في الكبد
الأدوية الحيوية
إذا لم يستجب الجسد لخيارات العلاج السابقة عندها سيلجأ الطبيب لاستخدام أدوية أكثر فعالية، وتُعرف باسم الأدوية الحيوية. أهم الأدوية الحيوية المستخدمة مع مرض كرون وعلاجه هي الأداليموماب، إنفليكساماب، فيدوليزوماب، استكينوماب.
خصائص الأدوية الحيوية:
- قادرة على تخفيف حدة الأعراض وتُستخدم في حالة عدم استجابة الجسم لأية أدوية أخرى
- يمكن استخدامها كعلاج طويل الأمد وللوقاية من نوبات الانتكاس
- تُؤخذ على هيئة حقنٍ أو محاليل وريدية كل 2 إلى 8 أسابيع
- قد تحتاج لاستخدامها لمدة تصل إلى عدة أشهر أو سنة
- يمكنها أن تسبب عددًا من الأعراض الجانبية أهمها زيادة خطر الإصابة بعدوى، والشعور بحكة، وآلام المفاصل، والحمى كرد فعل من الجسد عليها
الجراحة
عادةً لا يلجأ الأطباء إلى الجراحة إلا في حالة تجربة جميع الأدوية ووسائل العلاج السابق ذكرها، وعند فشلها أو عدم استجابة الجسم لها يقوم الطبيب بالموازنة بين منافع الجراحة وأضرارها ومن ثم يلجأ لها لتخفيف حدة الأعراض والوقاية من نوبات الانتكاس، إلا أن الأعراض ستعاود الظهور في النهاية ولن تختفي للأبد.
العملية الشائعة في علاج مرض كرون تُعرف بعملية الاستئصال، وتتم عن طريق:
- إجراء شق جراحي صغير في بطنك
- استئصال وإزالة الجزء الملتهب من الأمعاء
- ربط الأجزاء السليمة من الأمعاء معًا
تُجرى هذه العملية تحت التخدير الكلي، وستضطر للبقاء في المستشفى بعدها لأسبوع وسيستغرق الأمر عدة أشهر حتى تتعافى تمامًا. في بعض الحالات يحتاج المريض ما يُعرف باسم الجراب الشرجي (حقيبة متصلة بالبطن لأجل البراز) لعدة أشهر حتى تتعافى الأمعاء قبل إجراء الخطوة الثالثة وربط الأمعاء السليمة معًا.
الجراحة ليست علاجًا نهائيًا وستحتاج لتناول الأدوية بعدها حتى تقي نفسك وتمنع الأعراض من معاودة الظهور مرةً أخرى.
التأقلم والتعايش مع مرض كرون
قد يبدو التأقلم مع أي مرض مزمن أمرًا صعبًا خاصةً في بداية فترة التشخيص بهذا المرض، إلا أنه مع مرور الوقت والتعرف على المرض وأعراضها وطرق علاجه المتاحة فلن تجد أية صعوبة في عيش حياة طبيعية وسعيدة. وتوجد العديد من الطرق التي ستسهل عليك هذه المهمة وتجعل تأقلمك أفضل.
النظام الغذائي والحياة الصحية
لا يوجد نظام غذائي محدد خاصةً للمرضى البالغين، إلا أن الأطفال يكونون بحاجة للاعتماد على التغذية بالسوائل لعلاج الأعراض وتزويد أجسادهم بالمغذيات الضرورية واللازمة للنمو.
صحيح أن المرض واحد إلا أن حالة كل شخص تكون متفردة بذاتها، لذا يجب بعض الناس أن أطعمةً معينة تجعل أعراضهم أسوأ وعند تجنبها تكون حالتهم أفضل بكثير. لا تحاول تغيير نظامك الغذائي بشكل كامل بدون استشارة مختص تغذية. وإذا كنت من المدخنين فيجب عليك الإقلاع عن التدخين.
الأدوية الطبية
يجب عليك توخي الحذر عند تناول أية أدوية مهما بدت بسيطة لك، فبعض هذه الأدوية مثل المسكنات المضادة للالتهاب (ايبوبروفين) قد تجعل أعراضك أسوأ. يجب عليك استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء وقبل التوقف عن تناول أدوية مرض كرون.
اللقاحات والتطعيمات
عادةً ما تزيد احتمالية إصابتك بالانفلونزا إذا كنت تستخدم:
- مضادات المناعة
- الأدوية الحيوية
لذا فيُنصح بتلقي لقاحات الإنفلونزا السنوية، إلا أنه يجب عليك تجنب أية لقاحات حية، مثل لقاح الحصبة، وحمى النكاف، والحصبة الألمانية لأنها قد تسبب لك المرض بسبب ضعف مناعتك الشديد.
مرض كرون والحمل
لا يوجد تعارض بين داء كرونز والحصول على حمل طبيعي وصحي للأم والجنين. إلا أن المشكلة تكمن في أدوية علاج مرض كرون لأنها قد تسبب الضرر لجنين، لذا يجب عليكِ:
- إخبار طبيبك بنية الحمل أو بمجرد حدوث الحمل
- لا تتوقفي عن تناول الأدوية فجأة وبدون استشارة الطبيب
يكون حدوث الحمل صعبًا خلال نوبات الانتكاس ووصول الأعراض إلى أقصاها، إلا أن الخصوبة تعود لمعدلها الطبيعي في فترات الراحة واختفاء الأعراض. تقلل بعض أدوية مرض كرونز من خصوبة الرجال مؤقتًا.
موانع الحمل
إذا لم تكوني تنتوين الحمل فاحرصي على استخدام موانع الحمل المناسبة، اسألي الطبيب عن أفضل مانع حمل يمكنك استخدامه لأن بعض الأقراص لا تكون فعّالة كما يجب مع هذا المرض.
المضاعفات المحتملة
- حدوث إصابة أو تلف في الأمعاء مثل التندّب، الضيق، القرح، النواسير (أنفاق صغيرة تسري من جزء في أمعائك إلى جزء آخر) وهو ما قد يتطلب تدخلًا جراحيًا
- صعوبة امتصاص الجسم للمغذيات من الطعام الذي تتناوله – وهو ما قد يؤدي إلى هشاشة العظام أو أنيميا نقص الحديد
- سرطان الأمعاء – يجب عليك الخضوع لفحص السرطان بشكل دوري للاطمئنان على هذه النقطة
فحص السرطان
تزيد خطورة إصابتك بسرطان الأمعاء إذا كنت مريضًا بداء كرون، تكون هذه الاحتمالية ضئيلة في البداية ثم تزيد مع مرور الوقت. فعلى سبيل المثال:
- بعد مرور 10 سنوات تكون احتمالية الإصابة هي 1 لكل 50 مريض
- بعد مرور 20 سنة تكون احتمالية الإصابة هي 1 لكل 10 مرضى
- بعد مرور 30 سنة تكون احتمالية الإصابة هي 1 لكل 5 مرضى
إذا كنت مصابًا بمرض كرون منذ أكثر من 10 سنوات أو كان المرض في أكثر من جزء في أمعائك فيجب عليك إجراء الفحوصات الخاصة بالسرطان بشكل دوري. وعادةً ما يتم هذا الفحص باستخدام منظار القولون وهو أنبوب صغير مرن مزود بكاميرا يتم إدخاله من فتحة الشرج.
الحصول على الدعم والمساعدة من الآخرين
التعايش مع المرض نفسه ليس صعبًا لكن أحيانًا ما تكون نوبات الانتكاس شديدة ويصعب التأقلم معها على المستوى الجسدي والعاطفي، لذا فإن الدعم والمساعدة من الآخرين سيكون أمرًا جيدًا لذا أخبر أهلك وأصدقاءك بحالتك المرضية وتأثيرها على حياتك ليكونوا سندًا لك.
تعليقات