هل تتأثر خصوبة الرجل وقدرته على الإنجاب بالتقدم في العمر؟
ليس من المستغرب أن نسمع أن خصوبة النساء تتضاءل مع الدقات الأخيرة لساعتهن البيولوجية؛ وهي موعد انقطاع الطمث. لكن هل يحدث هذا أيضًا مع الرجال؟
يوضح بحث جديد أن الأمر مختلف قليلًا لدى الرجال، ولكن يبدو أن احتمالية إنجاب طفل تتناقص مع التقدم في العمر، حتى مع الوسائل الإنجابية المساعدة، بمجرد بلوغهم سن الخمسين.
وجدت الأبحاث، التي أُجريت على الآباء المنتظرين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا وتحت سن الخمسين أيضًا في المملكة المتحدة، أنه حتى مع الإخصاب المختبري (حمل الأنابيب)(IVF) أو حقن الحيوانات المنوية داخل الهيولى (ICSI) المعروف باسم تقنيةالحقن المجهري، تنخفض فرص ولادة أطفال بشكل ملحوظ بمجرد بلوغ الأب عمر الخمسين. في حين أن عمر الأب لم يؤثر كعامل مستقل على خطر الإجهاض بعد تقنية الإنجاب المساعدة.
لاحظ مؤلفو الدراسة، ومن بينهم د. جاي موريس، من مركز الصحة الإنجابية والجينية في لندن، أن تأخر الإنجاب أصبح أكثر شيوعًا في جميع أنحاء العالم. من بين الأطفال المولودين في عام 2016 في إنجلترا وويلز، على سبيل المثال، 15٪ من الأطفال كان عمر الأب فوق الأربعين.
أشارت الدراسة إلى أن عمر الأب قد يؤثر أيضًا على صحة الطفل، مستشهدة بدراسة أمريكية وجدت أنه عندما كان عمر الأب يزيد عن 45 عامًا، ارتفعت احتمالات إصابة الأم بمرض سكري الحمل والولادة المبكرة ونوبات الصرع عند الأطفال حديثي الولادة. هذا بالإضافة مع وجود ارتباط بين تقدم عمر الأب وبين ظهور العديد من الاضطرابات العصبية والنفسية وبعض الأمراض الأخرى لدى أطفالهم.
أجريت الدراسة الأخيرة في مركز الصحة الإنجابية والجينية في لندن. كان جميع الأزواج يعانون من العقم الأولي أو الثانوي وكانوا يخضعون إما لتقنية أطفال الأنابيب أو الحقن المجهري باستخدام عينة من السائل المنوي. شملت الدراسة 4271 رجلاً و 4833 دورة. وُلد طفل عن حوالي 41٪ من الدورات، حيث بلغ احتمالية الولادة الناجحة أقل بنسبة 33 ٪ للأباء الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا.
أوضح د. بوبي نجاري، مدير مركز العقم بجامعة نيويورك، أن البيانات الحالية تشير إلى أن الرجال الأكبر سنًا لديهم معدلات أعلى في تفتيت الحمض النووي، وهو مقياس لمدى جودة حزم الحمض النووي داخل الحيوانات المنوية. وقد أظهرت دراسات أخرى أن المعدلات المرتفعة لتفتيت الحمض النووي يمكن أن يصاحبها معدلات نجاح أسوأ لأطفال الأنابيب، لا سيما الإجهاض المبكر أو خلل الإخصاب..
أضاف د.نجاري أن هذا هو أحد الأسباب المحتملة التي تجعل الرجال الأكبر سنًا يعانون من فشل تنقية أطفال الأنابيب. السبب الآخر ذو الصلة هو أن الرجال الأكبر سنًا لديهم مشكلة في حركة الحيوانات المنوية وتراجع عدد الحيوانات المنوية.
وقال د. نجاري: “حتى قبل أن تصل إلى مرحلة التلقيح الاصطناعي أو التقنيات المساعدة للإنجاب، قد يواجه الرجال الأكبر سنًا بعض الصعوبات في الخصوبة؛ نتيجة انخفاض أعداد الحيوانات المنوية أو انخفاض جودتها”. وعلى الرغم من وجود انخفاض حاد نسبيًا في الخصوبة والصحة الإنجابية للنساء ، إلا أن التدهور لدى الرجال يبدو أبطأ.
“لن نجد تحديد لعمر الأب المتقدم، لكن طبقًا لإرشادات الجمعية الأمريكية لطب المسالك البولية، من الأفضل أن نقدم التوعية للرجال فوق سن الأربعين بشأن توابع التقدم في العمر على الإنجابية”
اقرأ أيضًا : دراسة تكشف ما يجعل الرجال أكثر عرضة للإصابة بضعف الانتصاب
على الرغم من أن العمر لا يمكن تغييره، إلا أن الرجل لا يزال بحاجة إلى تقييمه من قبل اختصاصي أمراض الذكورة الإنجابية لتحديد العوامل القابلة للعلاج، التي يمكن أن تسهم في شيء مثل: مشكلة تفتيت الحمض النووي المرتفع. قد يشمل تلك العوامل: التدخين، أو التشوهات الناتجة عن دوالي الخصية، أو عدوى الأعضاء التناسلية.
قال د. روبرت برانيجان، الأستاذ في قسم جراحة المسالك البولية في كلية الطب بجامعة نورث وسترن، فينبرغ في شيكاغو، إن الرجل الذي يشعر بالقلق بشأن خصوبته يمكنه اتخاذ عدد من الخطوات المنطقية؛ منها رؤية طبيب متخصص في الصحة الإنجابية للذكور ومعالجة أي مشاكل بيولوجية أساسية، يمكن أن تؤدي التغييرات في نمط الحياة إلى تحسين الخصوبة لدى البعض.
قال د.برانيجان: “لا أعتقد أن الدراسة يجب أن تعيق الأزواج من التفكير في السعي وراء الإنجاب، حتى لو كان الرجل فوق سن الخمسين. أعتقد أنه من المهم جدًا أن يخضع الزوجان للتقييم، خاصة في حالة تأخر الإنجاب لفترة طويلة، حيث دائمًا ما يقع العبء الأكبر على عاتق الزوجة في إيجاد التشخيص والعلاج. في كثير من الأحيان، توجد فرص أفضل وأقل تدخلًا بالنسبة للأزواج أكثر منها للزوجات.”
تعليقات