fbpx

هل يُمكن أن تتسبب أدمغتنا في إصابتنا بالأمراض؟

وأنت جالس يرن هاتفك إشعارًا برسالة من صديقك الذي قابلته الليلة الماضية، وتجده يخبرك بأنه شعر ببعض السعال وأثبت المختبر بإيجابية مسحته لفيروس كورونا. حينها تبدأ بتحسس حلقك، ويتسلل سعالًا مفاجئًا  إليك وتبدأ في الشعور بارتفاع درجة حرارة جسمك. ولكن بعد ذلك، تهدأ بعد تلقي نتيجة فحصك السلبية، وتدرك أن هذه المشاعر كانت كلها فقط من رأسك . 

ولكن ماذا لو كان هذا هو بالضبط ما يحدث؟ ماذا لو كان هناك بالفعل خلايا عصبية في الدماغ يمكن أن تسبب الإحساس بالمرض، أو حتى الإصابة بمرض حقيقي؟

توصف الاضطرابات النفس جسدية Psychosomatic disorders بأنها اضطرابات تظهر بدون سبب بيولوجي واضح، وغالبًا ما تتضمن عاملًا عاطفيًا قويًا كمحفز.

 في دراسة نُشرت مؤخرًا في Cell، اكتشف علماء Technion قدرة الدماغ على التسبب في الأمراض من تلقاء نفسه. على وجه التحديد، أحدثوا التهاب في الفئران، ثم تسببوا في تنشيط الخلايا العصبية في الدماغ التي كانت نشطة أثناء الالتهاب الأولي.

 لقد أظهروا أنه أثناء التهاب القولون، تظهر العديد من مناطق الدماغ نشاطًا عصبيًا واضحًا، أحدها كان منطقة القشرة المعزولة (insula)، وهي منطقة في الدماغ مسؤولة عن الحس الداخلي، أي الإحساس بالحالة الفسيولوجية للجسم. وهذا يشمل الجوع والعطش والألم ومعدل ضربات القلب.

افترض الباحثون أنه إذا بُلِّغ الجسم عن حدوث التهاب أي منطقة في الجسم ووصلت الرسالة إلى منطقة ما في الدماغ، فلابد وأن تكون هذه المنطقة هي المسؤولة عن الحس الداخلي (القشرة المعزولة). وفقًا لهذه الفرضية، قام الباحثون بالتسبب في التهاب القولون لدى الفئران وباستخدام تقنيات التلاعب الجيني، تمكنوا من التقاط نشاط عصبي متزايد من مجموعة من الخلايا العصبية في القشرة الانعزالية أثناء الالتهاب. بمجرد تعافي الفئران من الالتهاب، أثار الباحثون هذه الخلايا العصبية \”الملتقطة” بشكل مصطنع. بدون أي محفز خارجي غير هذا التحفيز للخلايا في الدماغ، عاد الالتهاب إلى الظهور في نفس المنطقة التي كان عليها من قبل. كان تذكر الالتهاب كافيًا لإعادة تنشيطه.

 \"image_transcoder.php?o=bx_froala_image&h=7125&dpx=1&t=1636534715\"اقرأ أيضًا: كيف يُمرضنا الإجهاد؟

إذا كان الدماغ يستطيع أن ينشأ المرض، فهل من الممكن أن يوقفه أيضًا؟

بطريقة مماثلة، أظهر دكتور تمار تأثيرًا معاكسًا في الفئران المصابة بالتهاب نشط حاد، إذ أدى تثبيط الخلايا العصبية الملتقطة إلى تقليل فوري في الالتهاب. على الرغم من أن هذه كانت دراسة أساسية على الفئران، وهناك تحديات متعددة في تطبيق ذلك على البشر؛ فإن هذه الاكتشافات تفتح طريقًا علاجيًا جديدًا لعلاج الحالات الالتهابية المزمنة مثل مرض كرون والصدفية وأمراض المناعة الذاتية الأخرى، من خلال تخفيف أثر ذاكرتهم في الدماغ.

قال البروفيسور رولز: \”هناك مزايا لمثل هذا التواصل بين الجسم والدماغ في شرح الظاهرة الغريبة التي من خلالها ينبغي تنشيط جهاز المناعة بالذاكرة وحدها، دون محفز خارجي. يعود ذلك إلى حقيقة أن الجسم بحاجة إلى الاستجابة للعدوى في أسرع وقت ممكن قبل أن تتكاثر البكتيريا أو الفيروسات المهاجمة. إذا كان نشاط معين، مثل تناول أطعمة معينة، قد عرّض الجسم للعدوى والالتهابات مرة واحدة، فهناك ميزة للاستعداد للمعركة عندما يكون الشخص على وشك معاودة الفعل مرة أخرى. سيسمح وقت الاستجابة الأقصر للجسم بهزيمة العدوى بشكل أسرع وبجهد أقل. المشكلة بالطبع هي عندما تخرج هذه الآلية الفعالة عن السيطرة ويمكن أن تولد المرض من تلقاء نفسها.\”

النتائج التي توصل إليها الباحثون لها فوائد عديدة لفهم الطريقة التي يؤثر بها العقل والجسم البشري على بعضهما البعض، ولكن أيضًا هناك تطبيقات أكثر لفهم وعلاج بعض الأمراض النفس جسدية ذات الصلة، مثل متلازمة القولون العصبي، وحتى أمراض المناعة الذاتية والحساسية.

/المصدر 

تعليقات