هل يصبح التحفيز العميق للدماغ الحل لمعضلة الفصام المقاوم للعلاج؟
يمتد علاج مرض الفصام أو الشيزوفرنيا مدى الحياة، وعلى الرغم من عدم وجود شفاء تام منه، إلا أنه يسهل علاجه بالأدوية والعلاج النفسي. لكن تكمن المعضلة في أن خمس إلى نصف مرضى الفصام، الذين تظهر عليهم أعراض حادة، لا يستجيبون للأدوية. وجد باحثو جونز هوبكنز طريقة جديدة لعلاج المرضى الذين يعانون من الفصام المقاوم للعلاج باستخدام نفس النوع من أجهزة التحفيز العميق للدماغ المستخدمة في علاج مرض شلل الرعاش أو باركينسون واضطرابات الحركة الأخرى.
دراسة الحالة، التي نُشرت على الإنترنت في الطب النفسي البيولوجي ، توضح بالتفصيل كيف يستهدف هذا الإجراء منطقة المادة السوداء Substantia Nigra pars reticulata، وهي جزء هام داخل الدماغ يمثل محطة رئيسية للدوائر العصبية التي تشارك في تنظيم التعلم والقدرات التنفيذية والسلوكيات والعواطف. عندما يُعدل هذا الجزء من الدماغ باستخدام التحفيز العميق للدماغ، يمكن أن يصبح فرصة لتخفيف أعراض الفصام المقاوم للعلاج.
يقول مؤلف البحث د.نيكولا كاسيلا، أستاذ الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، وعضو هيئة التدريس في مركز جونز هوبكنز للفصام، ” قد يصبح التحفيز العميق للدماغ بمثابة الحل السحري لمرضى الفصام الذين لا يستجيبون لأدوية مضادات الذهان. لا نستطيع القول أنه علاجًا شافيًا لاضطراب الفصام، ولكنه طريقة مبتكرة لعلاج الأعراض، وحتى الآن بالنسبة لمريضنا، فإن التقنية تعمل جيدًا”.
اقرأ أيضًا : ليبالفي | علاج جديد للفصام واضطراب ثنائي القطب بدون زيادة في الوزن
عالج د.كاسيلا وفريقه امرأة قوقازية تبلغ من العمر 35 عامًا تعاني من الفصام البارانوييّ (المصحوب بضلالات الارتياب) المصحوب باضطراب الوسواس القهري. شملت الأعراض لديها هلاوس سمعية وبصرية مستمرة، وبث للأفكار( يعتقد الشخص أن أفكاره مُسرّبَة “مُذاعة”) وأوهام الاضطهاد. وفشلت الأدوية المضادة للذهان، بما في ذلك الكلوزابين، في تخفيف أعراضها. بعد عام واحد من التحفيز العميق للدماغ، تحسنت المريضة واستقرت حالتها دون حدوث أي مضاعفات أو آثار جانبية تتعلق بالجهاز المزروع، حيث أبلغت المريضة عن اختفاء فوري وكامل للهلاوس المزمنة فور تلقي التحفيز العميق للدماغ. ونتيجة لذلك، فهي بصدد تقليل جرعة الأدوية المضادة للذهان وتحسن حياتها.
يحدث مرض الفصام نتيجة اختلال التوازن الكيميائي وتغيرات أخرى في الدماغ. يمكن أن ينتقل المرض في العائلات وعادة ما تظهر أعراض المرض في أواخر مرحلة المراهقة وبداية مرحلة البلوغ. قد يعاني كل شخص من مجموعة من الأعراض التي قد تشمل سماع أصوات وأنواع مختلفة من الهلاوس، ويعاني المريض أحيانًا من صعوبة في التفكير بوضوح والتواصل مع الآخرين. يمكن أن تتأثر حياة المريض الاجتماعية والوظيفية بصورة شديدة.
في حين أن الفعالية طويلة المدى لا تزال موجودة في التجارب الأكبر، فإن هذه النتائج توفر الأمل للمرضى المصابين بالفصام الشديد المقاوم للعلاج، إذ أن التحفيز العميق للدماغ قد يكون أكثر فعالية لمرض الفصام من معدلات الاستجابة التي لوحظت في العديد من التجارب السريرية للأدوية المضادة للذهان.
تعليقات