الوذمة اللمفية | الأسباب، والأعراض، والعلاج
تتعرَّض شريحة واسعة من الناس للوَذْمَة اللِّمْفِيَّة، وهي أحد أكثر أمراض الجهاز اللمفاوي شيوعًا، والمرتبطة بدرجة كبيرة ببعض أنواع السرطان، ونظرًا لخطورة ذلك المرض -الذي يصيب شخصًا من بين كُلِّ ألفٍ- والجدل الدائر حول إمكانية علاجه من عدمها فإننا نقدم لكم في المقال الآتي كل ما يدور حول الوذمة اللمفية، وأسباب حدوثها، والطرق الموثوقة لعلاجها، مدعَّمًا ذلك كله بأحدث الدراسات الطبية.
محتويات المقال:
- ما الوذمة اللمفية؟
- أنواع الوذمة اللمفية
- أسباب الوذمة اللمفية
- عوامل خطر الإصابة بالوذمة اللمفاوية
- أعراض الوذمة اللمفاوية
- تشخيص الوذمة اللمفية
- درجات الوذمة اللمفية
- طرق علاج الوذمة اللمفية
- مضاعفات الوذمة اللمفية
- هل يمكن تجنب الوذمة اللمفية؟
- المصادر
ما الوذمة اللمفية؟
تعني الوذمة اللمفية تورُّم بعض أنسجة الجسم نتيجة تراكم السائل اللميفاوي فيها بصورة غير طبيعية، ويرجع ذلك إلى خَلل في التصريف اللمفاوي، وهي غالبًا ما تصيب الساقين أو الذراعين مما يُسبب أضرارًا كبيرة للطَّرف المصاب، ونظرًا لاحتواء السائل اللميفاوي على كميات كبيرة من البروتين فإنه يمثِّل بيئة صالحة لنمو البكتيريا في المنطقة المتضررة؛ ما يعني أن مريض الوذمة اللمفية أكثر عُرضة للعدوى من غيره، وتُسمَّى الوذمة اللمفية بالإنجليزي Lymphedema.
أنواع الوذمة اللمفية
هناك نوعان أساسيان للوذمة اللمفية، ألا وهُما:
- الوذمة اللمفية الأوليَّة: حالة وراثية نادرة الحدوث؛ يُعاني المريض فيها خللًا في تركيب أو وظيفة الجهاز اللمفاوي، ويُمكن أن يظهر هذا النوع من الوذمة اللمفية في عدَّة صور، وفي فئات عُمرية مختلفة على النحو الآتي:
- مرحلة الطفولة: كما في داء ميلروي (Milroy’s disease).
- مرحلة البلوغ حتى 35 عام: تُعرَف بالوذمة اللمفية المُبكِّرة، وتظهر كأحد سِمات داء ميغ (Meige’s disease) التي تُمثِّل ما يقارب 80% من حالات الوذمة اللمفية الأولية.
- مرحلة ما بعد 35 عام: نادرة الحدوث؛ وهي تصيب القدمين فقط، كما تُعرف بالوذمة اللمفية المتأخِّرة.
- الوذمة اللمفية الثانوية: هي النوع الأكثر شيوعًا للوذمة اللمفية، وقد ينشأ ذلك النوع من عددٍ من الأسباب المختلفة، مثل: السرطان، والعدوى، وأمراض القلب والكُلى،.. وغير ذلك مما سيأتي ذكره.
أسباب الوذمة اللمفية
في حين تقتصر أسباب الوذمة اللمفية الأولية على الاختلالات الوراثية؛ إلا أن الوذمة اللمفية الثانوية قد تحدث لأسباب متنوعة، وهي ما سنتناوله في النقاط الآتية:
- سرطان الثدي: يُمثِّل سرطان الثدي -وما يتبعه من إجراءات علاجية- أحد أبرز أسباب الوذمة اللمفية؛ إذ تُسبب الأورام في أحيانٍ كثيرة انسداد الأوعية اللمفية، كما يؤدي استئصال مجموعة من العُقَد والأوعية اللمفاوية مع الثدي إلى خللٍ في التصريف اللمفاوي؛ ما يُحدِث الوذمة اللمفية في الذراع؛ لذلك ينبغي اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من سرطان الثدي، ومِن ثَم الوذمة اللمفية.
- أنواع السرطان الأُخرى: تزداد فرص الإصابة بالوذمة اللمفاوية كذلك مع عددٍ من السرطانات الأُخرى خصوصًا في منطقة الحوض، مثل: سرطان البروستاتا، ولا يختلف الحال كثيرًا مع سرطانات الرأس والرقبة إذ تُسبب هي الأخرى -في بعض الأحيان- وذمةً لِمفيةً في الوجه أو الرقبة
- علاج السرطان: بالإضافة إلى ما سبق تزيد المعالجة الإشعاعِيَّة والكميائية للسرطان من فرصة التعرُّض للوذمة اللمفية نتيجة الأضرار اللاحقة بالأوعية اللمفاوية، ولا تنشأ الوذمة اللفية عن ذلك إلا بعد أشهر أو سنوات مع العلاج المتواصل.
- العدوى: يُعد داءُ الخَيْطِيَّات (Filariasis) -الناتج عن عدوى طفيلية- أحد أشهر مسببات الوذمة اللمفية، كما توجد أنواع أُخرى من العدوى يُمكن أن تؤثِّر سلبًا على كفاءة الأوعية والعُقد اللمفاوية.
- البدانة: يُمثِّل الوزن الزائد عن الحد خطرًا كبيرًا على أغلب وظائف الجسم تقريبًا، وليس الجهاز اللمفاوي بمعزِلٍ عن ذلك؛ إذ يؤدي تراكم الدهون بكميات زائدة إلى إحداث ضغط على الأوعية والعقد اللمفاوية السطحية ما يعيق تصريف السائل اللمفاوي.
- قصور القلب: يلحظ كثيرٌ من مرضى القلب تورُّم الساقين؛ لِخَللٍ في التصريف اللمفاوي للساق خصوصًا مع حالات فشل القلب الاحتقاني، ويؤكِّد الأطباء أن أي قصور في أداء القلب يُمكن أن ينعكس سلبًا على التصريف اللمفاوي؛ مسببًا الوذمة اللمفاوية في الساق.
- قصور الكُلَى: تعمل الكُلْيَة على تخليص الجسم من السوائل الزائدة بجانب السموم؛ لذلك فإن أي خلل في الوظيفة الإخراجيَّة للكُلَى يؤدي إلى احتباس كميات زائدة من الماء بالجسم؛ ما يُسبب الوذمة اللمفية لدى كثيرٍ من المرضى.
عوامل خطر الإصابة بالوذمة اللمفاوية
بالإضافة إلى الأسباب المذكورة سلفًا تزداد فرصة الإصابة بالوذمة اللمفاوية لدى كبار السن، ومرضى التهاب المفاصل الرُّوماتويدي أو الصَّدَفِي، كذلك عند وجود تاريخ مرضي سابق لأحد أفراد العائلة، كما يُصاب الأشخاص الأكثر عرضةً للإشعاع بنسبة أكبر من غيرهم.
أعراض الوذمة اللمفاوية
يُمكن أن تتشكَّل الوذمة اللمفية تدريجيًّا بِبُطءٍ أو تظهر فجأةً دون مقدمات تبعًا لسبب الوذمة، ودرجة خطورتها، وفيما يلي أبرز أعراض الوذمة اللمفاوية:
- تورُّم الذراع أو الساق وصولًا إلى الأصابع.
- الشعور بصعوبة في الحركة وثقل المفاصل.
- بثور جِلدية وإحساس بالحِكَّة.
- تغيُّر في لون وسُمك الجلد.
- عدوى متكررة.
أما بالنسبة للوذمة اللمفية في الرأس أو الرقبة فيُمكن أن تُسبب ألمًا في الأُذن، واحتقانًا في الأنف، وتشوُّشًا بالرؤية، وقد يتطور الأمر لدى البعض لِيَصل إلى صعوبات في التنفُّس، والبَلع، والتحدُّث كذلك.
بمجرَّد ملاحظة أيٍّ من الأعراض السابقة أو بعضها مُجتمِعةً فإنَّ الخيار الأنسب يتمثل في سرعة التوجُّه لطبيبك الخاص؛ لإجراء الفحوصات اللازمة وتشخيص حالتك، وخصوصًا إذا سبق وأن تعالجت من السرطان.
تشخيص الوذمة اللمفية
يبدأ الطبيب بإجراء فحص بدني عام= مع الاستفسار عن تاريخك المرضي، وربما التاريخ العائلي كذلك حيث يُساعد ذلك بدايةً في تشخيص الوذمة اللمفية، وتحديد نوعها عما إذا كانت أولية أو ثانوية.
بالطبع قد يتطلب تأكيد التشخيص مزيدًا من الفحوصات، مثل: تصوير الأوعية اللمفاوية بالأشعة السينية باستخدام صبغة خاصة لتتبع مسار السائل اللمفاوي، ومعرفة حالة التصريف وموضع الخلل فيها، كما يُعتمد في تشخيصها كذلك على التصوير بالرنين المغناطيسي، والأشعة المقطعية،.. وغير ذلك من التقنيات الحديثة.
درجات الوذمة اللمفية
بناءً على ما توصَّل إليه الطبيب من الأعراض البادية على المريض ونتائج الفحوصات التشخيصية كذلك يُمكن تحديد درجة الوذمة اللمفية لمعرفة مدى خطورتها، واتخاذ الإجراءات العلاجية اللازمة، وتُصنَّف الوذمة اللمفية على النحو الآتي:
- المرحلة 0: تُعرف بالمرحلة الخفيَّة نظرًا لغياب الأثر الظاهري للمرض إذ يلحظ المريض فقط تغيُّراتٍ في الإحساس مع ألم يسير.
- المرحلة 1: تبدأ المنطقة المتضرِّرَة في التورُّم على هيئة وذمة مُنطَبِعَة مصحوبة ببعض الألم.
- المرحلة 2: يزداد التورُّم، وتحدث عدَّة تغيُّرات بالجِلد متمثلة في: الالتهاب، وزيادة السُّمك.
- المرحلة 3: وهي أخطر مراحل الوذمة اللمفية على الإطلاق؛ إذ تتصلَّب المنطقة المصابة نتيجة الاحتباس الدائم للسوائل، وقد يصل الأمر إلى فقدان وظيفة الطرف أو المنطقة المصابة تمامًا.
طرق علاج الوذمة اللمفية
يعتمد علاج الوذمة اللمفية أساسًا على أمرين؛ إزالة التورُّم، وعلاج سبب حدوثه -إن أمكن-، ويختلف العلاج المُتَّبع وفقًا لدرجة الوذمة وسببها، ويُناط الطبيب وحده بتحديد الطريقة العلاجية الأنسب لحالتك من بين الطرق الآتية:
- ارتداء الثِّياب الضاغطة: يُساهم ارتداء هذا النوع من الثياب في تكوين ضغط خارجي على المنطقة المصابة؛ ما يساعد على تخفيف الورم ورجوع السوائل المتراكمة إلى الدورة الدموية ثانيةً، وقد تُساعد الجوارب في علاج الوذمة اللمفية في القدم. وتتمتع تلك الطريقة بكفاءة عالية في علاج الحالات اليسيرة.
- الانضغاط الهوائي: يتضمن ذلك ارتداء سُترات أو أكمام خاصة تمتاز بقابلية تغيير ضغط الهواء داخلها لإحداث الضغط المطلوب على المنطقة المصابة وتقليل حِدَّة التورُّم.
- تمارين الوذمة اللمفاوية: تقلل التمارين الرياضية من تورُّم المنطقة المصابة؛ نظرًا للضغط الذي يُحدِثه الانقباض العضلي المتكرر، والذي يدفع السائل اللمفاوي إلى الأوعية اللمفاوية مرة أُخرى. يُمكنك ممارسة بعض التمارين المنزلية الخفيفة لمدة 20-30 دقيقة يوميًّا، وتستطيع ملاحظة الفارق في بضعة أيام.
- التصريف اللمفاوي اليدوي: يخضع المريض لأسلوب معين من التدليك في المنطقة المتضررة، بواسطة متخصص؛ وذلك لإعادة السائل اللمفاوي المتراكم في الأنسجة إلى الأوعية اللمفاوية ثانيةً وإزالة التورُّم.
كما يمثِّل الجمع بين عددٍ من الطرق السابقة حلًّا ذا كفاءة كبيرة في علاج بعض حالات الوذمة اللمفية. وفي حال فشل تلك الطرق الأولية يلجأ الطبيب إلى طرقٍ أُخرى من العلاج المتقدِّم، والذي يتضمن إجراء أيٍّ من العمليات الآتية:
- عملية المجازة اللمفاوية: يقوم الطبيب بإعادة ربط الأوعية اللمفاوية بالأوردة الخاصة بها مُلتفًّا بذلك حول المنطقة المتضررة؛ ما يسمح بتصريف السائل اللمفاوي طبيعيًّا، كما تُضفِي التقنيات الطبية الحديثة أمانًا أكثر لِمثل تلك العمليات.
- نقل العُقَد اللمفاوية: يتم نقل بعض العقد اللمفاوية السليمة كبديلٍ عن تلك التالفة أو المتضررة؛ ما يُعيد للجهاز اللمفاوي وضعه الصحي مرة أُخرى.
- شفط الدهون: على الرغم من الفرق بين الوذمة الشحمية والوذمة اللمفاوية في عددٍ من الجوانب، إلا أن تقنية شفط الدهون فعالة بدرجة كبيرة في علاج بعض حالاتهما؛ لذا يلجأ الطبيب لعلاج الوذمة اللمفاوية بشفط الدهون عند فشل أو عدم صلاحية الإجرائين السابقين.
مضاعفات الوذمة اللمفية
يُمكن أن تتضمن مضاعفات الوذمة اللمفية أيًّا مما يلي:
- التهاب الهَلَل: وفقًا لعددٍ من الدراسات يُعد التهاب النسيج الخلوي أو الهلل أبرز مضاعفات الوذمة اللمفية، ويرجع السبب في ذلك إلى تراكم السوائل الغنية بالبروتين داخل الأنسجة؛ ما يوفِّر بيئة خصبة لنمو البكتيريا، كما يُمكن ملاحظة احمرار ودِفء المنطقة المصابة بالعدوى، وكذلك الحُمَّى في بعض الحالات، ويتطلَّب ذلك تناول المضادات الحيوية تحت الإشراف الطبي.
- تعَفُّن الدم: عند التأخر في علاج التهاب الهلل الناتج عن الوذمة اللمفية تزداد فرصة تعرُّضك لتعفُّن أو تسمم الدم، والذي يعني انتشار العدوى في مجرى الدم؛ ما يضع حياتك في خطر محقَّق نتيجة النشاط المناعي الخاطئ ضد أنسجة الجسم؛ ما يحتاج بالطبع تدخُّلًا طبيًّا عاجلًا.
- تسرُّب السائل اللمفاوي: نتيجة التغيُّرات الحادثة في جِلد المنطقة المتضررة واحتباس كميات كبيرة من السوائل يُمكن أن يتسرب السائل اللمفاوي عبر تشقُّقات الجلد أو البُثور المتكوِّنة.
- السرطان: لا تتوقف آثار إهمال العلاج الطبي عند ما سبق ذكره، إذ تؤدي كذلك الحالات الخطيرة من الوذمة اللمفية إلى نوع نادر من سرطان الأنسجة الرخوة؛ نتيجة إهمال العلاج.
هل يمكن تجنب الوذمة اللمفية؟
نظرًا لصعوبة توقع الإصابة بالوذمة اللمفية فإن التجنُّب التام لها قد يعتريه بعض الصعوبات، وعلى كل حال تُعزِّز المتابعة الدائمة لصحتك والملاحظة المستمرة لأي أعراض غريبة فور ظهورها من إمكانية تجنب الوذمة اللمفية، وخصوصًا لدى من لديهم تاريخ مرضي مع السرطان أو تاريخ عائلي مع الوذمة اللمفية.
ويُنصَح لمَن تماثل للشفاء مِن السرطان بالمتابعة الدورية مع الطبيب الخاص، وعَرض أي مستجدات تَطرأ على حالتك الصحية عليه فورًا؛ لتجنب الإصابة بالوذمة اللمفية، كما يؤكِّد الأطباء أن المبادرة بعلاج الأعراض الأوليَّة فور ظهورها يساعد بدرجة كبيرة في تجنب تفاقم الوذمة اللمفية، ومن ثم علاجها باكرًا.
ختامًا عزيزي القارئ؛ نكون بذلك قد تعرفنا على الوذمة اللمفية، وما يرتبط بها من: أسباب، وأعراض، وعلاج، ففي حال لاحظتَ ظهور أيٍّ من الأعراض سالفة الذكر فبادر بمراجعة طبيبك الخاص قبل تفاقم المرض، كما نرشِدكِ زائرتنا الفاضلة إلى المتابعة الدورية مع الطبيب حال سبق لكِ استئصال الثدي؛ لتجنب الوذمة اللمفية، مع تمنياتنا لكم بالسلامة والعافية.
تعليقات