خلل التوتر العضلي dystonia | ما الأنواع، والأسباب، وطرق العلاج؟
خلل التوتر العضلي هو اضطراب حركي عصبي شديد التعقيد ومتغير، ويتميز بانقباضات عضلية لا إرادية، وهي حالة لا تعرف حدودًا عمرية أو عرقية، كما أنها قد تؤثر على الأطفال الصغار أو كبار السن من جميع الأجناس والأعراق.
تروي بيكا قصتها قائلة:”كان من المقرر أن أبدأ وظيفة وحدة العناية المركزة وذلك بعد عودتي من أوروبا، عندما لاحظت أن رقبتي تلتف بطريقة مضحكة، ولكنها أصبحت أسوأ، ووجدت نفسي أحارب التشنجات باستمرار، وكلما حاولت كلما كانت الحركات موجعة أكثر، ثم إنني لم أعد أسيطر عليها فلم تكن تتحسن (بالرغم من استعمالي مسكنات الألم، وأكياس الثلج، ..وغيرها)؛ مما تسبب لي في إزعاج شديد دام لسنوات.
غزت التشنجات حياتي، وأصبحتُ أشعر بها في كل الأوقات، عندها بدأت في زيارة الأطباء، ثم أخيرًا بعد إجراء العديد من الفحوصات والاختبارات وجدتُ الإجابة، وهي: خلل التوتر العضلي، ثم بدأت رحلة العلاج”
قد يؤثر الخلل على جزء واحد من جسمك أو أكثر (جميع أجزاء جسمك)، كما قد يكون مؤلم فتتراوح شدتها من خفيفة إلى شديدة، وللأسف لا يوجد علاج لخلل التوتر العضلي “dystonia”، وبالتالي فإن العلاج موجه لتخفيف الأعراض، لكن يمكن اللجوء إلى العلاج الجراحي إذا كانت الأدوية والعلاجات الأخرى لا توفر الراحة الكافية؛ لذا عزيزي القارئ -هنا في صحة سكاي- سوف نستعرض معًا كل ما تودّ معرفته عن أنواع خلل التوتر العضلي، وأسبابه، وأعراضه، وطرق العلاج المناسبة له.
محتويات المقال:
- ما المراد بخلل التوتر العضلي؟
- ما أعراض خلل التوتر العضلي؟
- ما أجزاء الجسم التي قد تتأثر بالأعراض؟
- ما الذي يُسبب خلل التوتر العضلي؟
- تصنيف خلل التوتر العضلي
- كيفية تشخيص خلل التوتر العضلي
- ما علاج خلل التوتر العضلي؟
- ما المراد بخلل التوتر العضلي؟
هو مصطلح عام لمجموعة كبيرة من اضطرابات الحركة التي تختلف في أعراضها، وأسبابها، وتطورها، وعلاجاتها، وتتميز هذه المجموعة من الحالات العصبية -عمومًا- بانقباضات عضلية لا إرادية تجبر الجسم على اتخاذ حركات وأوضاع غير طبيعية، وأحيانًا مؤلمة، كما قد تستمر الانقباضات العضلية أو تأتي وتذهب (متقطعة).
يُعاني ما يصل إلى 250،000 شخص في الولايات المتحدة خلل التوتر العضلي؛ مما يجعله ثالث أكبر اضطراب حركة شيوعًا بعد الرعشة الدماغية، ومرض باركنسون. وُصف أول مرة في الأدبيات الطبية في القرن التاسع عشر، ومع ذلك كان تصنيفه -دائمًا- معقدًا ومثيرًا للجدل؛ مما أدى إلى حدوث ارتباك وليس فقط للمرضى، ولكن داخل المجتمع الطبي -أيضًا-.
- ما أعراض خلل التوتر العضلي؟
يمكن أن تتراوح الأعراض من خفيفة جدًا إلى شديدة، فقد يؤثر الخلل على أجزاء مختلفة من الجسم، وغالبًا ما تتطور أعراض خلل التوتر على مراحل، وتشمل بعض الأعراض المبكرة ما يلي:
- سحب الساق.
- التشنّج في القدم.
- الشدّ اللاإرادي للرقبة.
- وميض لا يمكن السيطرة عليه.
- صعوبات الكلام.
- تلتف أجزاء من جسمك إلى أوضاع غير معتادة، مثل: التواء رقبتك إلى الجانب، أو دوران قدميك للداخل.
كذلك قد يؤدي الإجهاد أو التعب إلى ظهور الأعراض أو تفاقمها، فيشتكي الأشخاص الذين يعانون خلل التوتر من الألم والإرهاق بسبب تقلصات العضلات المستمرة، فإذا ظهرت أعراض خلل التوتر العضلي في مرحلة الطفولة فإنها تظهر في القدم أو اليد أولًا، ولكن بعد ذلك تستمر الأعراض لتصل بسرعة إلى باقي الجسم، ويميل معدل التقدم إلى التباطؤ بعد سن المراهقة، لكن عندما يظهر في بداية مرحلة البلوغ فإنه يبدأ عادةً في الجزء العلوي من الجسم، ثم يحدث تطور بطيء للأعراض.
- ما أجزاء الجسم التي قد تتأثر بالأعراض؟
تشمل مناطق الجسم التي يمكن أن تتأثر ما يلي:
- الرقبة (خلل التوتر العنقي): تتسبب التقلصات في التواء رأسك، والالتفاف إلى جانب واحد، أو السحب للأمام أو للخلف؛ مما يسبب الألم -أحيانًا-.
- الجفون: يؤدي الوميض السريع أو التشنجات اللاإرادية إلى إغلاق عينيك (تشنج الجفن)، وتجعل من الصعب عليك الرؤية، وعادةً لا تكون التشنجات مؤلمة ولكنها قد تزداد سوءًا عندما تكون في ضوء ساطع أو تحت الضغط أو تتفاعل مع الناس، كما قد تشعر بجفاف عينيك.
- الفك أو اللسان (خلل التوتر العضلي في الفك السفلي): وقد تواجه صعوبة في الكلام، وسيلان اللعاب، وصعوبة في المضغ أو البلع، وللأسف قد يكون خلل التوتر في الفك السفلي مؤلمًا، كما أنه غالبًا ما يحدث مع خلل التوتر العضلي العنقي أو تشنج الجفن.
- صندوق الصوت والحبال الصوتية (خلل التوتر العضلي التشنجي): قد يكون لديك صوت قوي أو هامس.
- اليد والساعد: تحدث بعض أنواع الخلل فقط في أثناء قيامك بنشاط متكرر، مثل: الكتابة (خلل التوتر العضلي للكاتب)، أو العزف على آلة موسيقية معينة (خلل التوتر العضلي للموسيقي).
- ما الذي يُسبب خلل التوتر العضلي؟
معظم الحالات ليس لها سبب محدد، ويبدو أنه مرتبط بمشكلة في العقد القاعدية (هذه هي منطقة الدماغ المسؤولة عن بدء تقلصات العضلات)، إذ تتحكم هذه المناطق من الدماغ في سرعة الحركة، وسيولتها، ومنع الحركات غير المرغوب فيها، وتتضمن المشكلة الطريقة التي تتواصل بها الخلايا العصبية.
ينتج خلل التوتر المكتسب عن تلف العقد القاعدية، وقد يكون الضرر ناتجًا عن:
- صدمة الدماغ.
- السكتة الدماغية.
- الأورام.
- الحرمان من الأكسجين.
- مرض الشلل الرعاش
- مرض هنتنغتون.
- مرض ويلسون.
- العدوى.
- التفاعلات الدوائية.
- التسمم الناتج عن الرصاص أو أول أكسيد الكربون.
كذلك قد يحدث توريث خلل التوتر العضلي مجهول السبب أو الأولي من أحد الوالدين، كما قد لا يُصاب بعض حاملي هذا الاضطراب -أبدًا- بخلل التوتر العضلي بأنفسهم، كما قد تختلف -أيضًا- الأعراض بشكلٍ كبير بين أفراد نفس العائلة.
- تصنيف خلل التوتر العضلي:
يصنف من خلال ثلاث عوامل رئيسة:
- العمر الذي تظهر فيه الأعراض.
- مناطق الجسم المصابة.
- السبب الأساسي.
ترتبط احتمالية أن يؤثر خلل التوتر العضلي على أجزاء متعددة من الجسم -عمومًا- بعمر بداية الخلل، فإنه مع الخلل الأصغر في البداية تزداد فرص انتشار الأعراض، وعلى العكس من ذلك فإن المرض الأكبر في البداية يزداد احتمال بقاء الاضطراب أكثر اعتدالًا.
تصنيف خلل التوتر العضلي حسب العمر:
- بداية الطفولة: من 0 إلى 12 عامًا.
- بداية المراهقة: من سن 13 إلى 20 عامًا.
- بداية البالغين: أكبر من 20 عامًا.
تصنيف خلل التوتر العضلي حسب أجزاء الجسم:
- يؤثر خلل التوتر العضلي المعمم على معظم أو كل الجسم.
- يؤثر خلل التوتر العضلي البؤري على جزء معين من الجسم.
- يؤثر خلل التوتر العضلي متعدد البؤر على أكثر من جزء من الجسم (غير مرتبط).
- يشمل خلل التوتر العضلي الجزئي أجزاء متجاورة من الجسم.
- يؤثر هيميديستونيا على الذراع والساق على نفس الجانب من الجسم.
- خلل التوتر البؤري:
يقتصر خلل التوتر البؤري على منطقة واحدة من الجسم، ويمكن أن يؤثر على الرقبة (خلل التوتر العنقي أو الصعر التشنجي)، أوالعينين (تشنج الجفن)، أوالفك أو الفم أو الجزء السفلي من الوجه (خلل التوتر العضلي في الفك السفلي)، والحبال الصوتية (خلل التوتر الحنجري) أو الذراعين أو الساقين (خلل التوتر في الأطراف).
- يمكن أن تسبب الأنواع الأخرى الأقل شيوعًا من خلل التوتر البؤري تمددًا أو ثنيًا أو التواءً غير عاديًا في الجذع (خلل التوتر العضلي الجذعي)، أو تقلصات مستمرة، أوحركات ملتوية لا إرادية لجدار البطن (خلل توتر جدار البطن).
- يؤثر التوتر البؤري بشكلٍ أكثر شيوعًا على الأشخاص في الأربعينيات والخمسينيات من العمر، ويشار إليه كثيرًا بخلل التوتر العضلي عند البالغين، وتتأثر النساء أكثر بثلاث مرات من الرجال، وعمومًا يكون تصنيف خلل التوتر البؤري على أنه أساسي (مجهول السبب) وليست وراثية.
- خلل التوتر العضلي الجزئي:
يؤثر التوتر العضلي الجزئي على جزأين أو أكثر من أجزاء الجسم المجاورة أو القريبة من بعضها البعض، ويعاني ما يصل إلى 30 بالمائة من الأشخاص المصابين بالتوتر العضلي البؤري تشنجات في المناطق المجاورة للموقع الأساسي، ويؤثر شكل شائع من التوتر العضلي القطاعي على الجفون، والفك، والفم، وأسفل الوجه.
تشمل الأنواع الأخرى من خلل التوتر العضلي متعدد البؤر الذي يتضمن جزأين أو أكثر من أجزاء الجسم البعيدة عن بعضها البعض “التوتر النصفي” الذي يصيب نصف الجسم، أما “المعمم” الذي يبدأ بمشاركة الساق ولكنه ينتشر عمومًا إلى منطقة إضافية أو أكثر من الجسم.
تصنيف خلل التوتر العضلي حسب السبب:
1. خلل التوتر الابتدائي (مجهول السبب):
يُعد خلل التوتر الأولي (مجهول السبب) العلامة الوحيدة بعد استبعاد الأسباب الثانوية ومعظم حالات خلل التوتر الأولية المتغيرة، ومع ذلك هناك خلل التوتر الأولي المحدد مع بداية الطفولة أو المراهقة التي رُبطت بالطفرات الجينية.
- تعود غالبية حالات خلل التوتر الأولي المبكر التي قد تظهر في أثناء الطفولة أو بداية البلوغ إلى طفرات في الجين المعروف باسم DYT1.
- تم تعيين هذا الجين إلى الذراع الطويلة للكروموسوم 9 وذلك في حوالي 90 إلى 95% من الحالات، وتبدأ الأعراض في أحد الأطراف ثم تنتشر إلى مناطق أخرى من الجسم، ويبلغ متوسط عمر هذا النوع من خلل التوتر 12 عامًا، ونادرًا ما يحدث بعد سن 29 عامًا.
- خلل التوتر DYT6 هو خلل التوتر الأولي السائد الذي تم تعيينه على الكروموسوم 8، وهو أندر من خلل التوتر العضليDYT1.
- يبدأ الاضطراب في الموقع الأولي ولكنه ينتشر إلى مناطق متعددة من الجسم في جميع الأفراد المصابين بهذا النوع من خلل التوتر تقريبًا، وغالبًا تكون الأطراف أو الرأس أو الرقبة، وقد لوحظت صعوبات شديدة في نطق الكلام.
- حالات خلل التوتر الأولية العائلية الأخرى التي حُددت، هي: DYT7، وDYT2 وDYT4، وقد لوحظت جميعها في مجموعات عرقية محددة (في المقام الأول من أصل أوروبي).
2. خلل التوتر الثانوي (العرضي):
ينتج الخلل الثانوي في المقام الأول عن أسباب ثانوية، مثل: العوامل البيئية (مثل: التعرض لأول أكسيد الكربون، أو السيانيد، أو المنغنيز، أو الميثانول)، وأيضًا الحالات والأمراض الكامنة، مثل: أورام المخ، والشلل الدماغي، ومرض باركنسون، والسكتة الدماغية، والتصلب المتعدد، وقصور الدريقات، أو تشوهات الأوعية الدموية، أو إصابات الدماغ، أو النخاع الشوكي، وأمراض الدماغ الالتهابية أو المعدية أو اللاحقة للعدوى، وأدوية محددة.
- كيفية تشخيص خلل التوتر العضلي:
إذا اعتقد طبيبك أنك قد تكون مصابًا بخلل التوتر العضلي، فقد يحيلك إلى أخصائي يسمى طبيب الأعصاب لإجراء الاختبارات، وهي:
- السؤال عن أعراضك.
- السؤال عن أي حالات أخرى لديك، وما إذا كان أي شخص آخر في عائلتك يعاني خلل التوتر العضلي (في بعض الأحيان قد يكون وراثيًا).
- تحاليل الدم أو البول، إذ قد تكشف هذه الاختبارات عن علامات السموم أو حالات أخرى.
- تخطيط كهربية العضل (EMG)، ويقيس هذا الاختبار النشاط الكهربائي داخل العضلات.
- التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب، ويمكن أن تحدد اختبارات التصوير هذه التشوهات في دماغك، مثل: الأورام، أو السكتة الدماغية.
- الاختبارات الجينية، وترتبط بعض أشكال خلل التوتر العضلي بجينات معينة، يمكن أن تساعد على معرفة ما إذا كانت هذه الجينات موجودة في توجيه العلاج.
يمكن لطبيب الأعصاب أن يخبرك بالنوع الذي لديك، وما خيارات العلاج المتاحة لك؟ وذلك عند تشخيصك بخلل التوتر العضلي.
- ما علاج خلل التوتر العضلي؟
هناك عدة خيارات لعلاج خلل التوتر العضلي، وسيحدد الطبيب مسار العلاج بُناءً على نوعه، وشدته، وهي:
1. الأدوية:
العلاج الذي صُنِّف مؤخرًا هو توكسين البوتولينوم، ويسمى -أيضًا- البوتوكس أو Xeomin، يُحقن في العضلات المصابة؛ إذ يمنع تأثير مادة الأسيتيل كولين الكيميائية التي تنتج تقلصات أو انقباض العضلات، ويجب تكرار الحقن كل ثلاث أشهر تقريبًا.
يمكن أن تساعد الأدوية على تقليل الرسائل “زيادة السرعة” التي تتسبب في انقباض العضلات بشكلٍ مفرطٍ في حالة التوتر العضلي، وهناك بعض الأدوية المستخدمة -أيضًا-، وهي:
- ليفودوبا Levodopa.
- هيدروكلوريد البروسيكليدين Procyclidine hydrochloride.
- ديازيبام Diazepam.
- لورازيبام Lorazepam.
- كلونازيبام Clonazepam.
- باكلوفين Baclofen.
2. الجراحة:
إذا كانت الأعراض شديدة فقد يلجأ طبيبك إلى:
التحفيز العميق للدماغ:
وهو يُعد خيارًا عندما يتسبب خلل التوتر العضلي في إعاقة شخصٍ ما، يزرع قطب كهربائي في منطقة معينة في الدماغ، ثم يُوصل بمحفز يعمل بالبطارية مزروع في الصدر، فينقل القطب النبضات الكهربائية الناتجة عن المحفز إلى منطقة الدماغ؛ لتقليل الانقباضات العضلية، وينظم طبيب المريض تواتر وشدة النبضات الكهربائية.
3. العلاج النفسي:
يمكن -أيضًا- استخدام علاج النطق، والعلاج الطبيعي، وإدارة الإجهاد؛ لعلاج أعراض خلل التوتر.
ختامًا عزيزي القارئ .. قد يكون التعايش مع خلل التوتر العضلي أمرًا صعبًا، وقد لا يتحرك جسمك كما تريد، ولكن مع الاهتمام بالأدوية والعلاجات الممكنة قد يُخفف آلامك كثيرًا.
قد يهمك أيضًا:
المراجع: .mayoclinic | nhs
تعليقات