fbpx

ما لا تعرفه عن التراث الفلسطيني

سيظل دائمًا التراث الفلسطيني قلب التراث العربي والبئر الذي لا ينضب لمختلف الآداب والفنون وذلك بتأثيره وأهميته على تأكيد الهوية الفلسطينية وتجسيد وحدة الشعب الفلسطيني بكل طوائفه الدينية والعرقية؛ لذا يعد الانتماء إلى هذا التراث ودعمه وإحيائه جيل تلو الآخر، واجب ثقافي مقدس.

 كما يعد التراث الفلسطيني أحد الثقافات الراسخة التي يصعب تدميرها ومن الركائز التي يتكئ عليه الفلسطينيون خلال رحلة نضالهم التي امتدت لأكثر من سبعة عقود وحتى يومنا هذا نحو استعادة حقوقهم التاريخية التي سلبها منهم المعتدي الغاشم.

 ومنذ منتصف القرن العشرين، تتعرض الثقافة الفلسطينية لمحاولات غاشمة لا تكل ولا تمل لطمس هويتها، لكن هذا لا يزيدهم إلا إصرارًا وتمسكًا بالماضي العريق، فظلت فلسطين تنجب العلماء والكتاب والمبدعين في شتى المجالات، فلا تزال كتابات غسان كنفاني تلهم كثير من المفكرين في العالم العربي، ودومًا ما تتردد أصداء قصائد محمود درويش وسامي قاسم خلال التجمعات الثقافية، وغيرهم من الفلسطينيين الذين ساهموا في إثراء وترسيخ التراث الفلسطيني وإحياء جمالياته التي ساهمت في تشكيل الوعي الثقافي للفلسطينيين حتى الآن.

ففي هذا المقال سنتعرف معًا على التراث الفلسطيني الثقافي والشعبي الذي شكل الهوية الوطنية الفلسطينية الفريدة.

التراث الثقافي الفلسطيني

يتفرد التاريخ الأثري الفلسطيني الغني ويتميز عن غيره؛ بوجود أكثر من 12.000 موقعًا أثريًا في الضفة الغربية من القدس الشرقية وقطاع غزة، كما تعد أرض فلسطين المقدسة مهدًا لثلاث عقائد سماوية، وموقعًا لعديد من الأماكن المقدسة والتصاميم المعمارية الفريدة، فقد تأثرت فلسطين بمختلف الثقافات التي تركت بصماتها على المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ، بدءًا من القرن الرابع الميلادي عندما بدأ الرومان في بناء الكنائس القديمة في منطقتي برقين وعبود في الضفة الغربية، وفي العصر الأموي بدأت العمارة الإسلامية في الازدهار تاركه تأثيرها على بلاد الشام ككل، وظهر ذلك في بناء العديد من المساجد والساحات والحدائق والقصور الفخمة.

 بينما خلال فترة حكم المماليك تعددت أنواع المباني والمنشأت وازدهرت مدينة القدس بالمدارس الإسلامية والزوايا الصوفية والبنايات، وكثير من المرافق العامة من الحانات والأسواق والحمامات، التي كانت جزءًا من التخطيط الحضري للمدينة حينها.

 أما في ظل الحكم العثماني، حدث تطور كبير وتأثرت العديد من القرى بالثقافة العثمانية التي انعكست على شتى المجالات، وعند سقوط الإمبراطورية العثمانية جاء الاحتلال البريطاني لفلسطين، الذي قام حينها بإنشاء إدارة للآثار وقانونًا خاصًا بها في عشرينات القرن العشرين، للتنقيب عن الآثار وكشف الحفريات الأثرية.

 وبعد ما حدث في نكبة 1948، وما خلفته من انهيار للمجتمع الفلسطيني، وعقب إعلان قيام الدولة المزعومة، شهد الفلسطينيون تدميرًا لتراثهم وثقافتهم العتيقة على مرأى ومسمع من العالم أجمع، في أعقاب النزاعات العربية الإسرائيلية الذي نتج عنها استغلال وتلاعب ونهب وتدمير كثير من المواقع الأثرية والمنشأت الثقافية.

 وفي السبعينات، دعت بعض الحركات الوطنية إلى إعادة إحياء الهوية الوطنية الفلسطينية، فكان هدفها حماية ما تبقى من التراث الفلسطيني، من المباني التاريخية والمعالم الأثرية والتحف الفنية، وفي ١٩٩٣ أُنشئت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية.

دور منظمة اليونسكو في الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني

التراث الفلسطيني

 أفادت منظمة اليونسكو بأن المواقع الفلسطينية الأثرية هي كنوز ثقافية لابد من حمايتها، كما أدانت ضم المحتل لقبر يوسف مؤكدة السيادة الفلسطينية عليه، وأعلنت أن الجانب المحتل يحاول محو وطمس معالم التراث الفلسطيني البارزة لتسليط الضوء فقط على الطابع اليهودي منها، ومازال يسعى الفلسطينيون إلى حماية تراثهم الثقافي المهدد بالانقراض بعد أن أصبحوا أعضاء في منظمة اليونسكو عام 2011 وحتى الآن. 


التراث الشعبي الفلسطيني

 يُعد التراث الشعبي الفلسطيني جزءًا لا يتجزأ من الثروة الوطنية الفلسطينية، من صناعة الحرف اليدوية والأمثال الشعبية والموسيقى التقليدية، التي هُددت بقائها واستمرارها مرارًا وتكراًر من العدو المحتل.

الأزياء الشعبية

يعُد الجلباب هو الزي التقليدي للرجال في فلسطين وغيرها من بلاد الشام، وفي المساء أو خلال فصل الشتاء يتم ارتداء عباءة صوفية وعمامة على الرأس، وكان الرجال من البدو عادة ما يغطون رؤوسهم بقطعة مربعة من القطن تطوى حول الرأس بشكل مائل لحماية الوجه من الشمس والرياح الرملية، تسمى الكوفية أو الشماغ وتكون إما بيضاء أو سوداء وبيضاء اللون، وتثبت في مكانها بعصابة سوداء معقودة بإحكام تسمى العقال، وخلال القرن العشرين، أصبحت الكوفية والعقال الأسود دلالة عن الوطنية الفلسطينية وبدأ غير البدو بارتدائهم، كما أنها كانت رمزًا للراحل ياسر عرفات.

 أما ما يخص لباس النساء، ففي المناطق الريفية دومًا ما يكون لباس المرأة غنيًا بالتطريز الذي يختلف لونه وشكله الهندسي تبعًا لكل منطقة، فعلى سبيل المثال، يكون التطريز أحمر في منطقة رام الله، وأرجواني في غزة.

 فكان فن التطريز مهارة تتوارثها الأجيال تمررها الأم إلى ابنتها، ثم بدأ إنتاج الملابس التقليدية الفلسطينية إلى الانتقال من المناطق الريفية إلى المدن ومنها إلى خارج فلسطين، ومازالت حتى الأن المرأة الفلسطينية تتمسك بفن التطريز التقليدي لتبدع في إنتاج العديد من الأزياء الشعبية المذهلة. 

 الألعاب الرياضية الشعبية

 كانت الألعاب الموروثة من العصر العثماني هي نقطة بداية الرياضة الفلسطينية وتشمل، سباق الخيل، ولمصارعة، والسباحة، كما اكتسبت كرة القدم شعبية واسعة بمرور الوقت، فحتى الآن يمثل الفريق الوطني الفلسطيني لكرة القدم البلد في جميع أنحاء العالم واحتل المركز الـ 94 عالميًا بعد فوزه بكأس التحدي عام 2014.

 منذ عام 2013، ينظم ماراثون فلسطيني يشارك فيه آلاف المتسابقون الفلسطينيون ليجوبوا شوارع بيت لحم، لاطلاع العالم أجمع على ما يمر به الفلسطينيون من قمع، ويظهر حريتهم المسلوبة، حتى خلال التنقل في بلدهم بسبب التعدي الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.

الأدب والفن الفلسطيني

التراث الفلسطيني

طالما كانت اللغة العربية هي محور الثقافة العربية مُمثلة في القرأن الكريم ثم الشعر العربي، الذي تميز به الفلسطينيون فكانت قصائدهم يتغنى بها الشعب العربي أجمع، حتى بعد حدوث نكبة 1948، فما زادتهم إلا إصرارًا، وكانت بمثابة مصدر إلهام لكثير من الشعراء والأدباء.

فيعد محمود درويش أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب التي ألقت قصائد وكتاباته رواجًا كبيرًا في المنطقة العربية، كما عمل درويش محررًا لعدة مجلات أدبية فلسطينية وحاز على العديد من الجوائز ولقب بشاعر العالم العربي الذي وصف فلسطين بأنها جنة الأرض التي فقدت مرتين.

إلى جانب كبار الشعراء، أنجبت فلسطين العديد من الأدباء والمؤلفين المهمين والملهمين، مثل غسان كنفاني الذي كان لاجئا في عام 1948، و الذي بدأ عمله رسامًا ثم عمل صحفيًا سياسيًا فكان ناطقًا باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيروت، وفي عام 1972، زُعم أن غسان كنفاني قًتل على يدالشرطة السرية الإسرائيلية بسيارة مفخخة في بيروت.

 فقد عانى كثير من الفنانين الفلسطينيين، فليس غسان كنفاني فقط هو الفنان الفلسطيني الذي لاقى حتفه بتلك الطريقة، لكن عانى الفنان ناجي العلي رسام الكاريكاتير من نفس المصير، وقتل بالرصاص في شوارع لندن.

 ختامًا، لن يُطمس التراث الفلسطيني الذي سطره أبناءه بدمائهم وتضحياتهم، بل سوف يظل شامخًا أبيًا مرفوع الرأس على مر العصور.

قد يهمك أيضًا:

من قلب المحن تأتي المنح | قصص نجاح علماء فلسطينيون تتحدى الصعاب

طفولة في زمن الحرب | العنف وآثاره النفسية على الأطفال

المصادر:   culture-of-palestine 

تعليقات